للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَزَلْتَهُنَّ مِنَ الْقِسْمَةِ وَتَضُمَّهَا إِلَيْكَ فَلَا بَأْسَ عَلَيْكَ فِي ذَلِكَ. كَذَلِكَ حُكْمُ الْإِرْجَاءِ، فَدَلَّ أَحَدُ الطَّرَفَيْنِ عَلَى الثَّانِي. الْخَامِسَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَلا جُناحَ عَلَيْكَ) أَيْ لَا مَيْلَ، يُقَالُ: جَنَحَتِ السَّفِينَةُ أَيْ مَالَتْ إِلَى الْأَرْضِ. أَيْ لَا مَيْلَ عَلَيْكَ بِاللَّوْمِ وَالتَّوْبِيخِ. السَّادِسَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (ذلِكَ أَدْنى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ) قَالَ قَتَادَةُ وَغَيْرُهُ: أَيْ ذَلِكَ التَّخْيِيرُ الَّذِي خَيَّرْنَاكَ فِي صُحْبَتِهِنَّ أَدْنَى إِلَى رِضَاهُنَّ إِذْ كَانَ مِنْ عِنْدِنَا، لِأَنَّهُنَّ إِذَا عَلِمْنَ أَنَّ الْفِعْلَ «١» مِنَ اللَّهِ قَرَّتْ أَعْيُنُهُنَّ بِذَلِكَ وَرَضِينَ، لِأَنَّ الْمَرْءَ إِذَا عَلِمَ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ في شي كَانَ رَاضِيًا بِمَا أُوتِيَ مِنْهُ وَإِنْ قَلَّ. وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ لَهُ حَقًّا لَمْ يَقْنَعْهُ مَا أُوتِيَ مِنْهُ، وَاشْتَدَّتْ غَيْرَتُهُ عَلَيْهِ وَعَظُمَ حِرْصُهُ فِيهِ. فَكَانَ مَا فَعَلَ اللَّهُ لِرَسُولِهِ مِنْ تَفْوِيضِ الْأَمْرِ إِلَيْهِ فِي أَحْوَالِ أَزْوَاجِهِ أَقْرَبَ إِلَى رِضَاهُنَّ مَعَهُ، وَإِلَى اسْتِقْرَارِ أَعْيُنِهِنَّ بِمَا يَسْمَحُ بِهِ لَهُنَّ، دُونَ أَنْ تَتَعَلَّقَ قلوبهن بأكثر منه. وقرى:" تقر أعينهن" بضم التاء ونصب الأعين." وتقر أَعْيُنُهُنَّ" عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ. وَكَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَعَ هَذَا يُشَدِّدُ عَلَى نَفْسِهِ فِي رِعَايَةِ التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُنَّ، تَطْيِيبًا لِقُلُوبِهِنَّ- كَمَا قَدَّمْنَاهُ- وَيَقُولُ: (اللَّهُمَّ هَذِهِ قُدْرَتِي فِيمَا أَمْلِكُ فَلَا تَلُمْنِي فِيمَا تَمْلِكُ وَلَا أَمْلِكُ) يَعْنِي قَلْبَهُ، لِإِيثَارِهِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا دُونَ أَنْ يَكُونَ يظهر ذلك في شي مِنْ فِعْلِهِ .. وَكَانَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ يُطَافُ بِهِ مَحْمُولًا عَلَى بُيُوتِ أَزْوَاجِهِ، إِلَى أَنِ اسْتَأْذَنَهُنَّ أَنْ يُقِيمَ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ. قَالَتْ عَائِشَةُ: أَوَّلُ مَا اشْتَكَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ، فَاسْتَأْذَنَ أَزْوَاجَهُ أَنْ يُمَرَّضَ فِي بَيْتِهَا- يَعْنِي فِي بَيْتِ عَائِشَةَ- فَأُذِنَ لَهُ ... الْحَدِيثَ، خَرَّجَهُ الصَّحِيحُ. وَفِي الصَّحِيحِ أَيْضًا عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليتفقد «٢»،


(١). في ش وك: (العدل).
(٢). كذا في ش وك، والذي في البخاري: ليتعذر) قال القسطلاني: (بالعين المهملة والذال المعجمة أي يطلب العذر فيما يحاوله من الانتقال إلى بيت عائشة. وعند القابسى (يتقدر) بالقاف والدال المهملة أي يسأل عن قدر ما بقي إلى يومها ليهون عليه بعض ما يجد لان المريض يجد عند بعض أهله ما لا يجده عند بعض من الانس والسكون (.) (