للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَأَصْلُهَا مِنْ: نَسَأْتُ الْغَنَمَ أَيْ زَجَرْتُهَا وَسُقْتُهَا، فَسُمِّيَتِ الْعَصَا بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يُزْجَرُ بِهَا الشَّيْءُ وَيُسَاقُ. وَقَالَ طَرَفَةُ:

أَمُونٍ كَأَلْوَاحِ الْإِرَانِ نَسَأْتُهَا ... عَلَى لَاحِبٍ كَأَنَّهُ ظَهْرُ بُرْجُدِ «١»

فَسَكَّنَ هَمْزَهَا. قَالَ النَّحَّاسُ: وَاشْتِقَاقُهَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا مَهْمُوزَةٌ، لِأَنَّهَا مُشْتَقَّةٌ مِنْ نَسَأْتُهُ أَيْ أَخَّرْتُهُ وَدَفَعْتُهُ فَقِيلَ لَهَا مِنْسَأَةٌ لِأَنَّهَا يُدْفَعُ بِهَا الشَّيْءُ وَيُؤَخَّرُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَعِكْرِمَةُ

: هِيَ الْعَصَا، ثُمَّ قَرَأَ" مِنْسَاتَهُ" أَبْدَلَ مِنَ الْهَمْزَةِ أَلِفًا، فَإِنْ قِيلَ: الْبَدَلُ مِنَ الْهَمْزَةِ قَبِيحٌ جِدًّا وَإِنَّمَا يَجُوزُ فِي الشِّعْرِ عَلَى بُعْدٍ وَشُذُوذٍ، وَأَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ لَا يَغِيبُ عَنْهُ مِثْلُ هَذَا لَا سِيَّمَا وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ عَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَةِ. فَالْجَوَابُ عَلَى هَذَا أَنَّ الْعَرَبَ اسْتَعْمَلَتْ فِي هَذِهِ الْكَلِمَةِ الْبَدَلَ وَنَطَقُوا بِهَا هَكَذَا كَمَا يَقَعُ الْبَدَلُ فِي غَيْرِ هَذَا وَلَا يقاس عليه حتى قال أبو عمور: وَلَسْتُ أَدْرِي مِمَّنْ هُوَ إِلَّا أَنَّهَا غَيْرُ مَهْمُوزَةٍ لِأَنَّ مَا كَانَ مَهْمُوزًا فَقَدْ يُتْرَكُ هَمْزُهُ وَمَا لَمْ يَكُنْ مَهْمُوزًا لَمْ يَجُزْ هَمْزُهُ بِوَجْهٍ. الْمَهْدَوِيُّ: وَمَنْ قَرَأَ بِهَمْزَةٍ سَاكِنَةٍ فَهُوَ شَاذٌّ بَعِيدٌ، لِأَنَّ هَاءَ التَّأْنِيثِ لَا يَكُونُ مَا قَبْلَهَا إِلَّا مُتَحَرِّكًا أَوْ أَلِفًا، لَكِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَا سُكِّنَ مِنَ الْمَفْتُوحِ اسْتِخْفَافًا، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لَمَّا أَبْدَلَ الْهَمْزَةَ أَلِفًا عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ قَلَبَ الْأَلِفَ هَمْزَةً كَمَا قَلَبُوهَا فِي قَوْلِهِمُ الْعَأْلِمُ وَالْخَأْتِمُ، وروي عن صعيد بْنِ جُبَيْرٍ" مِنْ" مَفْصُولَةً" سَأَتِهِ" مَهْمُوزَةً مَكْسُورَةَ التَّاءِ، فَقِيلَ: إِنَّهُ مِنْ سِئَةِ الْقَوْسِ فِي لغة من همزها، وقد روي همزسية الْقَوْسِ عَنْ رُؤْبَةَ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: سِيَةُ الْقَوْسِ مَا عُطِفَ مِنْ طَرَفَيْهَا، وَالْجَمْعُ سِيَاتٌ، وَالْهَاءُ عوض من الْوَاوِ، وَالنِّسْبَةُ إِلَيْهَا سِيَوِيٌّ. قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: كَانَ رُؤْبَةُ يَهْمِزُ" سِيَةَ الْقَوْسِ" وَسَائِرُ الْعَرَبِ لَا يَهْمِزُونَهَا. وَفِي دَابَّةِ الْأَرْضِ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا- أنها أرضة، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ وَغَيْرُهُمَا. وَقَدْ قُرِئَ" دَابَّةُ الْأَرَضِ" بِفَتْحِ الرَّاءِ، وَهُوَ «٢» جَمْعُ الْأَرَضَةِ، ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ. الثَّانِي- أَنَّهَا دَابَّةٌ تَأْكُلُ الْعِيدَانَ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَالْأَرَضَةُ (بِالتَّحْرِيكِ): دُوَيِّبَةٌ تَأْكُلُ الْخَشَبَ، يُقَالُ: أُرِضَتِ الْخَشَبَةُ تُؤْرَضُ أَرْضًا (بِالتَّسْكِينِ) فَهِيَ مأروضة إذا أكلتها.


(١). الأمون: التي يؤمن عثارها. والاران: تابوت الموتى. واللاحب: الطريق الواضح والبرجد: كساء مخطط
(٢). في نسخ الأصل: (وهو واحد).