قَوْلٌ مَرْدُودٌ مِنْ غَيْرِ مَا وَجْهٍ. قَالَ الضَّحَّاكُ: مَعْنَى" فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ" أَيْ مِنْ ذُرِّيَّتِهِمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَهُوَ الْمُشْرِكُ. الْحَسَنُ: مِنْ أُمَمِهِمْ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنَ الْخِلَافِ فِي الظَّالِمِ. وَالْآيَةُ فِي أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَدِ اخْتَلَفَتْ عِبَارَاتُ أَرْبَابِ الْقُلُوبِ فِي الظَّالِمِ وَالْمُقْتَصِدِ وَالسَّابِقِ، فَقَالَ سَهْلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: السَّابِقُ الْعَالِمُ، وَالْمُقْتَصِدُ الْمُتَعَلِّمُ، وَالظَّالِمُ الْجَاهِلُ. وَقَالَ ذُو النُّونِ الْمِصْرِيُّ: الظَّالِمُ الذَّاكِرُ اللَّهَ بِلِسَانِهِ فَقَطْ، وَالْمُقْتَصِدُ الذَّاكِرُ بِقَلْبِهِ، وَالسَّابِقُ الَّذِي لَا يَنْسَاهُ. وَقَالَ الْأَنْطَاكِيُّ: الظَّالِمُ صَاحِبُ الْأَقْوَالِ، وَالْمُقْتَصِدُ صَاحِبُ الْأَفْعَالِ، وَالسَّابِقُ صَاحِبُ الْأَحْوَالِ. وَقَالَ ابْنُ عَطَاءٍ: الظَّالِمُ الَّذِي يُحِبُّ اللَّهَ مِنْ أَجْلِ الدُّنْيَا، وَالْمُقْتَصِدُ الَّذِي يُحِبُّهُ مِنْ أَجْلِ الْعُقْبَى، وَالسَّابِقُ الَّذِي أَسْقَطَ مُرَادَهُ بِمُرَادِ الْحَقِّ. وَقِيلَ: الظَّالِمُ الَّذِي يَعْبُدُ اللَّهَ خَوْفًا مِنَ النَّارِ، وَالْمُقْتَصِدُ الَّذِي يَعْبُدُ اللَّهَ طَمَعًا فِي الْجَنَّةِ، وَالسَّابِقُ الَّذِي يَعْبُدُ اللَّهَ لِوَجْهِهِ لَا لِسَبَبٍ. وَقِيلَ: الظَّالِمُ الزَّاهِدُ فِي الدُّنْيَا، لِأَنَّهُ ظَلَمَ نَفْسَهُ فَتَرَكَ لَهَا حَظًّا وَهِيَ الْمَعْرِفَةُ وَالْمَحَبَّةُ، وَالْمُقْتَصِدُ الْعَارِفُ، وَالسَّابِقُ الْمُحِبُّ. وَقِيلَ: الظَّالِمُ الَّذِي يَجْزَعُ عِنْدَ الْبَلَاءِ، وَالْمُقْتَصِدُ الصَّابِرُ عَلَى الْبَلَاءِ، وَالسَّابِقُ الْمُتَلَذِّذُ بِالْبَلَاءِ. وَقِيلَ: الظَّالِمُ الَّذِي يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى الْغَفْلَةِ وَالْعَادَةِ، وَالْمُقْتَصِدُ الَّذِي يَعْبُدُهُ عَلَى الرَّغْبَةِ وَالرَّهْبَةِ، وَالسَّابِقُ الَّذِي يَعْبُدُهُ عَلَى الْهَيْبَةِ. وَقِيلَ: الظَّالِمُ الَّذِي أُعْطِيَ فَمَنَعَ، وَالْمُقْتَصِدُ الَّذِي أُعْطِيَ فَبَذَلَ، وَالسَّابِقُ الذي يمنع فَشَكَرَ وَآثَرَ. يُرْوَى أَنَّ عَابِدَيْنِ الْتَقَيَا فَقَالَ: كَيْفَ حَالُ إِخْوَانِكُمْ بِالْبَصْرَةِ؟ قَالَ: بِخَيْرٍ، إِنْ أُعْطُوا شَكَرُوا وَإِنْ مُنِعُوا صَبَرُوا. فَقَالَ «١»
: هَذِهِ حَالَةُ الْكِلَابِ عِنْدَنَا بِبَلْخٍ! عُبَّادُنَا إِنْ مُنِعُوا شَكَرُوا وَإِنْ أُعْطُوا آثَرُوا. وَقِيلَ: الظَّالِمُ مَنِ اسْتَغْنَى بِمَالِهِ، وَالْمُقْتَصِدُ مَنِ اسْتَغْنَى بِدِينِهِ، وَالسَّابِقُ مَنِ اسْتَغْنَى بِرَبِّهِ. وَقِيلَ: الظَّالِمُ التَّالِي لِلْقُرْآنِ وَلَا يَعْمَلُ بِهِ، وَالْمُقْتَصِدُ التَّالِي لِلْقُرْآنِ وَيُعْمَلُ بِهِ، وَالسَّابِقُ الْقَارِئُ لِلْقُرْآنِ الْعَامِلِ بِهِ وَالْعَالِمِ بِهِ. وَقِيلَ: السَّابِقُ الَّذِي يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ قَبْلَ تَأْذِينِ الْمُؤَذِّنِ، وَالْمُقْتَصِدُ الَّذِي يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ وَقَدْ أُذِّنَ، وَالظَّالِمُ الَّذِي يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ وَقَدْ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، لِأَنَّهُ ظَلَمَ نَفْسَهُ الْأَجْرَ فَلَمْ يُحَصِّلْ لَهَا مَا حَصَّلَهُ غَيْرُهُ. وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي هَذَا: بَلِ السَّابِقُ الَّذِي يُدْرِكُ الْوَقْتَ وَالْجَمَاعَةَ فَيُدْرِكُ الْفَضِيلَتَيْنِ، وَالْمُقْتَصِدُ الَّذِي إِنْ فاتته الجماعة لم يفرط
(١). الزيادة من ك. [ ..... ]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute