مُؤْمِنٌ بِاللَّهِ رَبِّهِمْ، وَمَعْنَى" فَاسْمَعُونِ" أَيْ فَاشْهَدُوا، أَيْ كُونُوا شُهُودِي بِالْإِيمَانِ. وَقَالَ كَعْبٌ وَوَهْبٌ: إِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِقَوْمِهِ إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ الَّذِي كَفَرْتُمْ بِهِ. وَقِيلَ: إِنَّهُ لَمَّا قَالَ لقومه" اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ. اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْئَلُكُمْ أَجْراً" رَفَعُوهُ إِلَى الْمَلِكِ وَقَالُوا: قَدْ تَبِعْتَ عَدُوَّنَا، فَطَوَّلَ مَعَهُمُ الْكَلَامَ لِيَشْغَلَهُمْ بِذَلِكَ عَنْ قَتْلِ الرُّسُلِ، إِلَى أَنْ قَالَ:" إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ" فَوَثَبُوا عَلَيْهِ فَقَتَلُوهُ. قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: وَطَئُوهُ بِأَرْجُلِهِمْ حَتَّى خَرَجَ قَصَبُهُ «١» مِنْ دُبُرِهِ، وَأُلْقِيَ فِي بِئْرٍ وَهِيَ الرَّسُّ وَهُمْ أَصْحَابُ الرَّسِّ. وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّهُمْ قَتَلُوا الرُّسُلَ الثَّلَاثَةَ. وَقَالَ السُّدِّيُّ رَمَوْهُ بِالْحِجَارَةِ وَهُوَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ اهْدِ قَوْمِي حَتَّى قَتَلُوهُ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: حَفَرُوا حُفْرَةً وَجَعَلُوهُ فِيهَا، وَرَدَمُوا فَوْقَهُ التُّرَابَ فَمَاتَ رَدْمًا. وَقَالَ الْحَسَنُ: حَرَّقُوهُ حَرْقًا، وَعَلَّقُوهُ مِنْ سُورِ الْمَدِينَةِ وَقَبْرُهُ فِي سُورِ أَنْطَاكِيَةَ، حَكَاهُ الثعلبي. قال الْقُشَيْرِيُّ: وَقَالَ الْحَسَنُ لَمَّا أَرَادَ الْقَوْمُ أَنْ يَقْتُلُوهُ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَى السَّمَاءِ، فَهُوَ فِي الْجَنَّةِ لَا يَمُوتُ إِلَّا بِفَنَاءِ السَّمَاءِ وَهَلَاكِ الْجَنَّةِ، فَإِذَا أَعَادَ اللَّهُ الْجَنَّةَ أُدْخِلَهَا. وَقِيلَ: نَشَرُوهُ بِالْمِنْشَارِ حَتَّى خَرَجَ مِنْ بَيْنِ رِجْلَيْهِ، فَوَاللَّهِ مَا خَرَجَتْ رُوحُهُ إِلَّا إِلَى الْجَنَّةِ فدخلها، فذلك قوله:" قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ" وَقَالَ جَمَاعَةٌ: مَعْنَى" قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ" وَجَبَتْ لَكَ الْجَنَّةُ، فَهُوَ خَبَرٌ بِأَنَّهُ قَدِ اسْتَحَقَّ دُخُولَ الْجَنَّةِ: لِأَنَّ دُخُولَهَا يُسْتَحَقُّ بَعْدَ الْبَعْثِ.
(١). القصب المعى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute