للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْقُتَبِيُّ: لَمْ تُسْنَنْ أَيْ لَمْ تَنْبُتْ أَسْنَانُهَا كَأَنَّهَا لَمْ تُعْطَ أَسْنَانًا. وَهَذَا كَمَا يُقَالُ: فُلَانٌ لَمْ يُلْبَنْ أَيْ لَمْ يُعْطَ لَبَنًا، وَلَمْ يُسْمَنْ أَيْ لَمْ يُعْطَ سَمْنًا، وَلَمْ يُعْسَلْ أَيْ لَمْ يُعْطَ عَسَلًا «١». وَهَذَا مِثْلُ النَّهْيِ فِي الْأَضَاحِيِّ عَنِ الْهَتْمَاءِ. قَالَ أَبُو عُمَرَ: وَلَا بَأْسَ أَنْ يُضَحَّى عِنْدَ مَالِكٍ بِالشَّاةِ الْهَتْمَاءِ إِذَا كَانَ سُقُوطُ أَسْنَانِهَا مِنَ الْكِبَرِ وَالْهَرَمِ وَكَانَتْ سَمِينَةً، فَإِنْ كَانَتْ سَاقِطَةَ الْأَسْنَانِ وَهِيَ فَتِيَّةٌ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُضَحَّى بِهَا، لِأَنَّهُ عَيْبٌ غَيْرُ خَفِيفٍ. وَالنُّقْصَانُ كُلُّهُ مَكْرُوهٌ، وَشَرْحُهُ وَتَفْصِيلُهُ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ. وَفِي الْخَبَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" اسْتَشْرِقُوا ضَحَايَاكُمْ فَإِنَّهَا عَلَى الصِّرَاطِ مَطَايَاكُمْ" ذَكَرَهُ الزمخشري. الرابعة عشر- وَدَلَّتِ الْآيَةُ عَلَى أَنَّ مَنْ نَذَرَ نَحْرَ ابنه أو ذ بحة أَنَّهُ يَفْدِيهِ بِكَبْشٍ كَمَا فَدَى بِهِ إِبْرَاهِيمُ ابنه، قال ابْنُ عَبَّاسٍ. وَعَنْهُ رِوَايَةٌ أُخْرَى: يَنْحَرُ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ كَمَا فَدَى بِهَا عَبْدُ الْمُطَّلِبِ ابْنَهُ، رَوَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ الشَّعْبِيُّ. وَرَوَى عَنْهُ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ: يَجْزِيهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ. وَقَالَ مسروق: لا شي عليه. وقال الشا فعي: هُوَ مَعْصِيَةٌ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ مِنْهَا. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: هِيَ كَلِمَةٌ يَلْزَمُهُ بِهَا فِي وَلَدِهِ ذَبْحُ شَاةٍ وَلَا يَلْزَمُهُ فِي غَيْرِ وَلَدِهِ شي. قَالَ مُحَمَّدٌ: عَلَيْهِ فِي الْحَلِفِ بِنَحْرِ عَبْدِهِ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِ فِي الْحَلِفِ بِنَحْرِ وَلَدِهِ إِذَا حَنِثَ. وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكٍ فِيمَنْ قَالَ: أَنَا أَنْحَرُ وَلَدِي عِنْدَ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ فِي يَمِينٍ ثُمَّ حَنِثَ فَعَلَيْهِ هَدْيٌ. قَالَ: وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَنْحَرَ ابْنَهُ وَلَمْ يَقُلْ عِنْدَ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ وَلَا أَرَادَ فلا شي عَلَيْهِ. قَالَ: وَمَنْ جَعَلَ ابْنَهُ هَدْيًا أَهْدَى عَنْهُ، قَالَ الْقَاضِي ابْنُ الْعَرَبِيِّ: يَلْزَمُهُ شَاةٌ كَمَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ ذَبْحَ الْوَلَدِ عِبَارَةً عَنْ ذَبْحِ الشَّاةِ شَرْعًا، فَأَلْزَمَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ ذَبْحَ الْوَلَدِ، وَأَخْرَجَهُ عَنْهُ بِذَبْحِ شَاةٍ. وَكَذَلِكَ إِذَا نَذَرَ الْعَبْدُ ذَبْحَ وَلَدِهِ يَلْزَمُهُ أَنْ يَذْبَحَ شَاةً، لِأَنَّ الله تعالى قال:


(١). عقب صاحب لسان العرب في مادة" سنن" على رواية القتبي وتفسيره بقوله:" وقد وهم القتبي في الرواية والتفسر، لأنه روى الحديث" لم تسنن" بفتح النون الاولى، وإنما حفظه من محدث لم بضبطه، واهل الثبت والضبط رووه" لم تسنن" بكسر النون وهو الصواب في العربية، والمعنى لم تسن فأظهر التضعيف لسكون النون الأخيرة، كما يقال: لم يجلل. وإنما أراد ابن عمر أنه يضحى بأضحية لم تئن، أي لم تصر ثنية وإذا أئنت فقد أسنت. ثم قال: وأما خطأ القتبي من الجهة الأخرى فقوله: سننت البدنة إذا نبتت أسنانها وسنها الله غير صحيح، وقوله: لم يلين ولم يسمن أي لم لبنا وسمنا غير صحيح، وإنما معنا هما لم يطعم سمنا ولم يسق لبنا".