لَا فِي أَمْرِ نَفْسِهِ، وَبِحَظِّ حَقِّ اللَّهِ لَا بِحَظِّ نَفْسِهِ، فَتَحَرَّى يُونُسُ فَلَمْ يُصِبِ الصَّوَابَ الَّذِي عِنْدَ اللَّهِ فَسَمَّاهُ آبِقًا وَمُلِيمًا. الثالثة: قوله تعالى:" فَساهَمَ
" قل الْمُبَرِّدُ: فَقَارَعَ قَالَ: وَأَصْلُهُ مِنَ السِّهَامِ الَّتِي تُجَالُ." فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ"
قَالَ: مِنَ الْمَغْلُوبِينَ. قال القراء: دَحَضَتْ حُجَّتُهُ وَأَدْحَضَهَا اللَّهُ. وَأَصْلُهُ مِنَ الزَّلَقِ، قال الشاعر:
قتلنا المدحضين بكل فج ... وفقد قَرَّتْ بِقَتْلِهِمُ الْعُيُونُ
أَيِ الْمَغْلُوبِينَ. الرَّابِعَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى:" فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ" أَيْ أَتَى بِمَا يُلَامُ عَلَيْهِ. فَأَمَّا الْمَلُومُ فَهُوَ الَّذِي يلام، استحق ذلك أولم يَسْتَحِقَّ. وَقِيلَ: الْمُلِيمُ الْمَعِيبُ. يُقَالُ لَامَ الرَّجُلَ إِذَا عَمِلَ شَيْئًا فَصَارَ مَعِيبًا بِذَلِكَ الْعَمَلِ." فَلَوْلا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ" قَالَ الْكِسَائِيُّ: لَمْ تُكْسَرْ" أَنَّ" لِدُخُولِ اللَّامِ، لِأَنَّ اللَّامَ لَيْسَتْ لَهَا. النَّحَّاسُ: وَالْأَمْرُ كَمَا قَالَ، إِنَّمَا اللَّامُ في جواب لولا." فَلَوْلا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ" أَيْ مِنَ الْمُصَلِّينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ" أَيْ عُقُوبَةً لَهُ، أَيْ يَكُونُ بَطْنُ الْحُوتِ قَبْرًا لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. وَاخْتُلِفَ كَمْ أَقَامَ فِي بَطْنِ الْحُوتِ. فَقَالَ السُّدِّيُّ وَالْكَلْبِيُّ وَمُقَاتِلُ بْنُ سُلَيْمَانَ: أَرْبَعِينَ يَوْمًا. الضَّحَّاكُ: عِشْرِينَ يَوْمًا. عَطَاءٌ: سَبْعَةَ أَيَّامٍ. مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ: ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ. وَقِيلَ: سَاعَةً وَاحِدَةً. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. الْخَامِسَةُ- رَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" لَمَّا أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ- حَبْسَ يُونُسَ فِي بَطْنِ الْحُوتِ أَوْحَى اللَّهُ إِلَى الْحُوتِ أَنْ خُذْهُ وَلَا تَخْدِشْ لَحْمًا وَلَا تَكْسِرْ عَظْمًا فَأَخَذَهُ ثُمَّ هَوَى بِهِ إِلَى مَسْكَنِهِ مِنَ الْبَحْرِ، فَلَمَّا انْتَهَى بِهِ إِلَى أَسْفَلِ الْبَحْرِ سَمِعَ يُونُسُ حِسًّا فَقَالَ فِي نَفْسِهِ مَا هَذَا؟ فَأَوْحَى اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِلَيْهِ وَهُوَ فِي بَطْنِ الْحُوتِ:" إِنَّ هَذَا تَسْبِيحُ دَوَابِّ الْبَحْرِ قَالَ:" فَسَبَّحَ وَهُوَ فِي بَطْنِ الْحُوتِ" قَالَ:" فَسَمِعَتِ الْمَلَائِكَةُ تَسْبِيحَهُ فَقَالُوا: يَا رَبَّنَا إِنَّا نَسْمَعُ صَوْتًا ضَعِيفًا بِأَرْضٍ غَرِيبَةٍ" قَالَ:" ذَلِكَ عَبْدِي يُونُسُ عَصَانِي فَحَبَسْتُهُ فِي بَطْنِ الْحُوتِ فِي الْبَحْرِ" قَالُوا الْعَبْدُ الصَّالِحُ الذي كان
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute