مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْفَرِيقِ الْآخَرِ، فَحَضَرُوا الْخُصُومَاتِ وَلَكِنِ ابْتَدَأَ مِنْهُمُ اثْنَانِ، فَعَرَفَ دَاوُدُ بِذِكْرِ النِّكَاحِ الْقِصَّةَ. وَأَغْنَى ذَلِكَ عَنِ التَّعَرُّضِ لِلْخُصُومَاتِ الْأُخَرَ
. وَالْبَغْيُ التَّعَدِّي وَالْخُرُوجُ عَنِ الْوَاجِبِ. يُقَالُ: بَغَى الْجُرْحُ إِذَا أَفْرَطَ وَجَعُهُ وَتَرَامَى، إِلَى مَا يَفْحُشُ، وَمِنْهُ بَغَتِ الْمَرْأَةُ إِذَا أَتَتِ الْفَاحِشَةُ. السَّابِعَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى:" فَاحْكُمْ بَيْنَنا بِالْحَقِّ وَلا تُشْطِطْ" أَيْ لَا تَجُرْ، قَالَهُ السدي. وحكى أبو عبيد: شططت عليه شططت أَيْ جُرْتُ. وَفِي حَدِيثِ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ:" إِنَّكَ لشاطئ" أَيْ جَائِرٌ عَلَيَّ فِي الْحُكْمِ. وَقَالَ قَتَادَةُ: لَا تَمِلْ. الْأَخْفَشُ: لَا تُسْرِفْ. وَقِيلَ: لَا تُفْرِطْ. وَالْمَعْنَى مُتَقَارِبٌ. وَالْأَصْلُ فِيهِ الْبُعْدُ مِنْ شَطَّتِ الدَّارُ أَيْ بَعُدَتْ، شَطَّتِ الدَّارُ تَشِطُّ وَتَشُطُّ شَطًّا وَشُطُوطًا بَعُدَتْ. وَأَشَطَّ فِي الْقَضِيَّةِ أَيْ جَارَ، وَأَشَطَّ فِي السَّوْمِ وَاشْتَطَّ أَيْ أَبْعَدَ، وَأَشَطُّوا فِي طَلَبِي أَيْ أَمْعَنُوا. قَالَ أَبُو عَمْرٍو: الشَّطَطُ مُجَاوَزَةُ الْقَدْرِ فِي كُلِّ شي. وَفِي الْحَدِيثِ:" لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا لَا وَكْسَ وَلَا شَطَطَ" أَيْ لَا نُقْصَانَ وَلَا زِيَادَةَ. وفي التنزيل:" لَقَدْ قُلْنا إِذاً شَطَطاً" [الكهف: ١٤] أَيْ جَوْرًا مِنَ الْقَوْلِ وَبُعْدًا عَنِ الْحَقِّ." وَاهْدِنا إِلى سَواءِ الصِّراطِ" أَيْ أَرْشِدْنَا إِلَى قَصْدِ السَّبِيلِ. الثَّامِنَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى:" إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً" أَيْ قَالَ الْمَلَكُ الَّذِي تَكَلَّمَ عَنْ أُورِيَّا" إِنَّ هَذَا أَخِي" أَيْ عَلَى دِينِي، وَأَشَارَ إِلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. وَقِيلَ: أَخِي أَيْ صَاحِبِي." لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً" وَقَرَأَ الْحَسَنُ:" تَسْعٌ وَتَسْعُونَ نَعْجَةً" بِفَتْحِ التَّاءِ فِيهِمَا وَهِيَ لُغَةٌ شَاذَّةٌ، وَهِيَ الصَّحِيحَةُ مِنْ قِرَاءَةِ الْحَسَنِ، قَالَ النَّحَّاسُ. وَالْعَرَبُ تُكَنِّي عَنِ الْمَرْأَةِ بِالنَّعْجَةِ وَالشَّاةِ، لِمَا هِيَ عَلَيْهِ مِنَ السُّكُونِ وَالْمَعْجِزَةِ وَضَعْفِ الْجَانِبِ. وَقَدْ يُكَنَّى عَنْهَا بِالْبَقَرَةِ وَالْحِجْرَةِ وَالنَّاقَةِ، لِأَنَّ الْكُلَّ مَرْكُوبٌ. قَالَ ابْنُ عَوْنٍ
أَنَا أَبُوهُنَّ ثَلَاثٌ هنه ... ورابعة في البيت صغرا هنه
ونعجتي خمسا توفيهنه ... وألا فَتًى سَمْحٌ يُغَذِّيهُنَّهْ
طَيُّ النَّقَا فِي الْجُوعِ يطويهنه ... وويل الرَّغِيفِ وَيْلَهُ مِنْهُنَّهْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute