للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْكَلَامَ عَنْ لِسَانِهِ إِلَى الْبَرَازِ. وَقَوْلُهُ:" لَدَيْهِ" أَيْ عِنْدَهُ، وَالَّدَى وَالْعِنْدُ فِي لُغَتِهِمُ السَّائِرَةِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُمْ" لَدُنْ" فَالنُّونُ زَائِدَةٌ. فَكَأَنَّ الْآيَةَ تُنَبِّئُ أَنَّ الرَّقِيبَ عَتِيدٌ عِنْدَ مُغَلَّظِ الْكَلَامِ وَهُوَ النَّابُ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: (تَسَنَّنُوا) وَهُوَ السِّوَاكُ مَأْخُوذٌ مِنَ السِّنِّ، أَيْ نَظِّفُوا السِّنَّ. وَقَوْلُهُ: (لَا تَدْخُلُوا عَلَيَّ قُخْرًا بُخْرًا) فالمحفوظ عندي (فحلا وَقُلْحًا). وَسَمِعْتُ الْجَارُودَ يَذْكُرُ عَنِ النَّضْرِ قَالَ: الْأَقْلَحُ الَّذِي قَدِ اصْفَرَّتْ أَسْنَانُهُ حَتَّى بَخِرَتْ مِنْ بَاطِنِهَا، وَلَا أَعْرِفُ الْقَخَرَ. وَالْبَخَرُ: الَّذِي تَجِدُ لَهُ رَائِحَةً مُنْكَرَةً لِبَشَرَتِهِ، يُقَالُ: رَجُلٌ أَبْخَرُ، وَرِجَالٌ بُخُرٌ. حَدَّثَنَا الْجَارُودُ قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي عَلِيٍّ عَنْ أَبِي جَعْفَرِ بْنِ تَمَّامِ بْنِ الْعَبَّاسِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (اسْتَاكُوا، مَا لَكُمْ تَدْخُلُونَ عَلَيَّ قُلْحًا). الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ- فِي قَصِّ الشَّارِبِ. وَهُوَ الْأَخْذُ مِنْهُ حَتَّى يَبْدُوَ طَرَفُ الشَّفَةِ وَهُوَ الْإِطَارُ، وَلَا يَجُزُّهُ فَيُمَثِّلُ نَفْسَهُ، قَالَهُ مَالِكٌ. وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْهُ قَالَ: وَأَرَى أَنْ يُؤَدَّبَ مَنْ حَلَقَ شَارِبَهُ. وَذَكَرَ أَشْهَبُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ فِي حَلْقِ الشَّارِبِ: هَذِهِ بِدَعٌ، وَأَرَى أَنْ يُوجَعَ ضَرْبًا مَنْ فَعَلَهُ. وَقَالَ ابْنُ خُوَيْزِ مَنْدَادَ قَالَ مَالِكٌ: أَرَى أَنْ يُوجَعَ مَنْ حَلَقَهُ ضَرْبًا. كَأَنَّهُ يَرَاهُ مُمَثِّلًا بِنَفْسِهِ، وَكَذَلِكَ بِنَتْفِهِ الشَّعْرَ، وَتَقْصِيرِهِ عِنْدَهُ أَوْلَى مِنْ حَلْقِهِ. وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ ذَا لِمَّةٍ، وَكَانَ أَصْحَابُهُ مِنْ بَيْنِ وَافِرِ الشَّعْرِ أَوْ مُقَصِّرٍ، وَإِنَّمَا حَلَقَ وَحَلَقُوا فِي النُّسُكِ. وَرُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُصُّ أَظَافِرَهُ وَشَارِبَهُ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى الْجُمُعَةِ. وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ: لَمْ نَجِدْ عَنِ الشَّافِعِيِّ فِي هَذَا شَيْئًا مَنْصُوصًا، وَأَصْحَابُهُ الَّذِينَ رَأَيْنَاهُمْ: الْمُزَنِيُّ وَالرَّبِيعُ كَانَا يُحْفِيَانِ شَوَارِبَهُمَا، وَيَدُلُّ ذَلِكَ أَنَّهُمَا أَخَذَا ذَلِكَ عَنِ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. قَالَ: وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ وَزُفَرُ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدُ فَكَانَ مَذْهَبُهُمْ فِي شَعْرِ الرَّأْسِ وَالشَّارِبِ أَنَّ الْإِحْفَاءَ أَفْضَلُ مِنَ التَّقْصِيرِ. وَذَكَرَ ابْنُ خُوَيْزِ مَنْدَادَ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ مَذْهَبَهُ فِي حَلْقِ الشَّارِبِ كَمَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ سَوَاءٌ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ: رَأَيْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يُحْفِي شَارِبَهُ شَدِيدًا، وَسَمِعْتُهُ سُئِلَ عَنِ السُّنَّةِ فِي إِحْفَاءِ الشَّارِبِ فَقَالَ: يُحْفَى كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَحْفُوا الشَّوَارِبَ). قَالَ أَبُو عُمَرَ: إِنَّمَا فِي هَذَا الْبَابِ أَصْلَانِ: