للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَخَوَلُ الرَّجُلِ: حَشَمُهُ الْوَاحِدُ خَائِلٌ. قَالَ أَبُو النجم:

أعطى فلم يبخل ولبخل ... وكوم الذُّرَى مِنْ خَوَلِ الْمُخَوَّلِ

" نَسِيَ مَا كانَ يَدْعُوا إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ" أَيْ نَسِيَ رَبَّهُ الَّذِي كان يدعوه من قبل فكشف الضُّرِّ عَنْهُ. فَ" مَا" عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَهِيَ بِمَعْنَى الَّذِي. وَقِيلَ: بِمَعْنَى مَنْ كَقَوْلِهِ:" وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ مَا أَعْبُدُ" [الكافرون: ٣] وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ. وَقِيلَ: نَسِيَ الدُّعَاءَ الَّذِي كَانَ يَتَضَرَّعُ بِهِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. أَيْ تَرَكَ كَوْنَ الدُّعَاءِ مِنْهُ إِلَى اللَّهِ، فَمَا وَالْفِعْلُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ مَصْدَرٌ." وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْداداً" أَيْ أَوْثَانًا وَأَصْنَامًا. وَقَالَ السُّدِّيُّ: يَعْنِي أَنْدَادًا مِنَ الرِّجَالِ يَعْتَمِدُونَ عَلَيْهِمْ فِي جَمِيعِ أُمُورِهِمْ." لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ" أَيْ لِيَقْتَدِيَ بِهِ الْجُهَّالُ." قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا" أَيْ قُلْ لِهَذَا الْإِنْسَانِ" تَمَتَّعْ" وَهُوَ أَمْرُ تَهْدِيدٍ فَمَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ." إِنَّكَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ" أَيْ مَصِيرُكَ إِلَى النَّارِ. قَوْلُهُ تَعَالَى:" أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ" بَيَّنَ تَعَالَى أَنَّ الْمُؤْمِنَ لَيْسَ كَالْكَافِرِ الَّذِي مَضَى ذِكْرُهُ. وَقَرَأَ الْحَسَنُ وَأَبُو عَمْرٍو وَعَاصِمٌ وَالْكِسَائِيُّ" أَمَّنْ" بِالتَّشْدِيدِ. وَقَرَأَ نافع وابن كثير ويحيى ابن وَثَّابٍ وَالْأَعْمَشُ وَحَمْزَةُ:" أَمَّنْ هُوَ" بِالتَّخْفِيفِ عَلَى مَعْنَى النِّدَاءِ، كَأَنَّهُ قَالَ يَا مَنْ هُوَ قَانِتٌ. قَالَ الْفَرَّاءُ: الْأَلِفُ بِمَنْزِلَةِ يَا، تَقُولُ يَا زَيْدُ أَقْبِلْ وَأَزَيْدُ أَقْبِلْ. وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنْ سِيبَوَيْهِ وَجَمِيعِ النَّحْوِيِّينَ، كَمَا قَالَ أَوْسُ بن حجر:

أبني لبيني لستم بيد ... وإلا يَدًا لَيْسَتْ لَهَا عَضُدُ

وَقَالَ آخَرُ هُوَ ذُو الرُّمَّةِ:

أَدَارًا بِحُزْوَى هِجْتِ لِلْعَيْنِ عَبْرَةً ... وفماء الْهَوَى يَرْفَضُّ أَوْ يَتَرَقْرَقُ

فَالتَّقْدِيرُ عَلَى هَذَا" قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ" يَا مَنْ هُوَ قَانِتٌ إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ الْجَنَّةِ، كَمَا يُقَالُ فِي الْكَلَامِ: فُلَانٌ لَا يُصَلِّي وَلَا يَصُومُ، فَيَا مَنْ يُصَلِّي وَيَصُومُ أَبْشِرْ، فَحُذِفَ لِدَلَالَةِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ. وَقِيلَ: إِنَّ الْأَلِفَ فِي" أَمَّنْ" أَلِفُ اسْتِفْهَامٍ أَيْ" أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ" أَفْضَلُ؟ أَمْ مَنْ جَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَادًا؟ وَالتَّقْدِيرُ الَّذِي هُوَ قَانِتٌ خَيْرٌ. وَمَنْ شَدَّدَ