للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قالوا هذا." وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ" أَيْ أَرْضُ الْجَنَّةِ قِيلَ: إِنَّهُمْ وَرِثُوا الْأَرْضَ الَّتِي كَانَتْ تَكُونُ لِأَهْلِ النَّارِ لَوْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ، قَالَهُ أَبُو الْعَالِيَةِ وَأَبُو صَالِحٍ وَقَتَادَةُ وَالسُّدِّيُّ وَأَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ وَقِيلَ: إِنَّهَا أَرْضُ الدُّنْيَا عَلَى التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ." فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ" قِيلَ: هُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ أَيْ نِعْمَ الثَّوَابُ هَذَا. وَقِيلَ: هُوَ مِنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى، أَيْ نِعْمَ ثَوَابُ الْمُحْسِنِينَ هَذَا الَّذِي أَعْطَيْتُهُمْ. قَوْلُهُ تَعَالَى:" وَتَرَى الْمَلائِكَةَ" يَا مُحَمَّدُ" حَافِّينَ" أَيْ مُحْدِقِينَ" مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ" فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ" يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ" مُتَلَذِّذِينَ بِذَلِكَ لَا مُتَعَبِّدِينَ بِهِ أَيْ يُصَلُّونَ حَوْلَ الْعَرْشِ شُكْرًا لِرَبِّهِمْ. والحافون أخذ من حنافات الشَّيْءِ وَنَوَاحِيهِ. قَالَ الْأَخْفَشُ: وَاحِدُهُمْ حَافٌّ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: لَا وَاحِدَ لَهُ إِذْ لَا يَقَعُ لَهُمُ الِاسْمُ إِلَّا مُجْتَمِعِينَ. وَدَخَلَتْ" مِنْ" عَلَى" حَوْلِ" لِأَنَّهُ ظَرْفٌ وَالْفِعْلُ يَتَعَدَّى إِلَى الظَّرْفِ بِحَرْفٍ وَبِغَيْرِ حَرْفٍ. وَقَالَ الْأَخْفَشُ:" مِنْ" زَائِدَةٌ أَيْ حَافِّينَ حَوْلَ الْعَرْشِ. وَهُوَ كَقَوْلِكَ: مَا جَاءَنِي مِنْ أَحَدٍ، فَمِنْ تَوْكِيدٌ. الثَّعْلَبِيُّ: وَالْعَرَبُ تُدْخِلُ الْبَاءَ أَحْيَانًا فِي التَّسْبِيحِ وَتَحْذِفُهَا أَحْيَانًا، فيقولون: سبح بحمد ربك وسبح حمد الله قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:" سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى" وَقَالَ" فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ"." وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ" بَيْنَ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ. وَقِيلَ: قُضِيَ بين النبيين الذين جئ بِهِمْ مَعَ الشُّهَدَاءِ وَبَيْنَ أُمَمِهِمْ بِالْحَقِّ وَالْعَدْلِ." وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ" أَيْ يَقُولُ الْمُؤْمِنُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى مَا أَثَابَنَا مِنْ نِعَمِهِ وَإِحْسَانِهِ وَنَصَرَنَا عَلَى مَنْ ظَلَمَنَا. وَقَالَ قَتَادَةُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: افْتَتَحَ اللَّهُ أَوَّلَ الخلق بالحمد لله فَقَالَ:" وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ" فَلَزِمَ الِاقْتِدَاءُ بِهِ، وَالْأَخْذُ فِي ابْتِدَاءِ كُلِّ أَمْرٍ بِحَمْدِهِ وَخَاتِمَتِهِ بِحَمْدِهِ. وَقِيلَ: إِنَّ قَوْلَ" الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ" مِنْ قَوْلِ الْمَلَائِكَةِ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ حَمْدُهُمْ لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى عَدْلِهِ وَقَضَائِهِ. وَرُوِيَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ عَلَى الْمِنْبَرِ آخِرَ سُورَةِ" الزُّمَرِ" فَتَحَرَّكَ الْمِنْبَرُ مَرَّتَيْنِ. تَمَّ تَفْسِيرُ سُورَةِ" الزمر"