فَخَرَجَتْ مَخْرَجَ التَّهَجِّي وَإِذَا سُمِّيَتْ سُورَةٌ بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْحُرُوفِ أُعْرِبَتْ، فَتَقُولُ: قَرَأْتُ" حم" فتنصب، وقال الشَّاعِرُ «١»:
يُذَكِّرُنِي حَامِيمَ وَالرُّمْحُ شَاجِرٌ فَهَلَّا ... - تَلَا حَامِيمَ قَبْلَ التَّقَدُّمِ
وَقَرَأَ عِيسَى بْنُ عُمَرَ الثَّقَفِيُّ:" حَمْ" بِفَتْحِ الْمِيمِ عَلَى مَعْنَى اقْرَأْ حم أَوْ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ. ابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ وأبو السمال بكسرها. والإمالة والكسر للالتقاء السَّاكِنَيْنِ، أَوْ عَلَى وَجْهِ الْقَسَمِ. وَقَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ بِقَطْعِ الْحَاءِ مِنَ الْمِيمِ. الْبَاقُونَ بِالْوَصْلِ. وَكَذَلِكَ فِي" حم. عسق". وَقَرَأَ أَبُو عَمْرٍو وَأَبُو بَكْرٍ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَخَلَفٌ وَابْنُ ذَكْوَانَ بِالْإِمَالَةِ فِي الْحَاءِ. وَرُوِيَ عَنْ أَبِي عَمْرٍو بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ وَهِيَ قِرَاءَةُ نَافِعٍ وَأَبِي جَعْفَرٍ وَشَيْبَةَ. الْبَاقُونَ بِالْفَتْحِ مُشْبَعًا. قَوْلُهُ تَعَالَى:" تَنْزِيلُ الْكِتابِ" ابْتِدَاءٌ وَالْخَبَرُ" مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ". وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ" تَنْزِيلُ" خَبَرًا لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ هَذَا" تَنْزِيلُ الْكِتابِ". وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ" حم" مُبْتَدَأً وَ" تَنْزِيلُ" خَبَرُهُ وَالْمَعْنَى: أَنَّ الْقُرْآنَ أَنْزَلَهُ اللَّهُ وَلَيْسَ مَنْقُولًا وَلَا مِمَّا يجوز أن يكذب به. قوله تعالى:" غافِرِ الذَّنْبِ وَقابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقابِ" قَالَ الْفَرَّاءُ: جَعَلَهَا كَالنَّعْتِ لِلْمَعْرِفَةِ وَهِيَ نَكِرَةٌ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: هِيَ خَفْضٌ عَلَى الْبَدَلِ. النَّحَّاسُ: وَتَحْقِيقُ الْكَلَامِ فِي هَذَا وَتَلْخِيصُهُ أَنَّ" غافِرِ الذَّنْبِ وَقابِلِ التَّوْبِ" يَجُوزُ أَنْ يَكُونَا مَعْرِفَتَيْنِ عَلَى أَنَّهُمَا لِمَا مَضَى فَيَكُونَا نَعْتَيْنِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَا لِلْمُسْتَقْبَلِ وَالْحَالِ فَيَكُونَا نَكِرَتَيْنِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَا نَعْتَيْنِ عَلَى هَذَا وَلَكِنْ يَكُونُ خَفْضُهُمَا عَلَى الْبَدَلِ، وَيَجُوزُ النَّصْبُ عَلَى الْحَالِ، فَأَمَّا" شَدِيدِ الْعِقابِ" فَهُوَ نَكِرَةٌ وَيَكُونُ خَفْضُهُ عَلَى الْبَدَلِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:" غافِرِ الذَّنْبِ" لِمَنْ قَالَ:" لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ"" وَقابِلِ التَّوْبِ" مِمَّنْ قَالَ:" لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ"" شَدِيدِ الْعِقابِ" لِمَنْ لَمْ يَقُلْ:" لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ". وَقَالَ ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ: كُنْتُ إِلَى سُرَادِقِ مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ فِي مَكَانٍ لَا تَمُرُّ فِيهِ الدَّوَابُّ، قَالَ: فَاسْتَفْتَحْتُ" حم. تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ" فَمَرَ عَلَيَّ رَجُلٌ عَلَى دَابَّةٍ فَلَمَّا قُلْتُ" غافِرِ الذَّنْبِ" قَالَ: قُلْ يَا غافِرِ الذَّنْبِ اغْفِرْ لِي ذنبي، فلما قلت:" قابِلِ التَّوْبِ" قال:
(١). قائله شريح بن أوفى العبسي- وقيل هو للأشتر النخعي.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute