للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَوْلُهُ تَعَالَى:" كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ" عَلَى تَأْنِيثِ الْجَمَاعَةِ أَيْ كَذَّبَتِ الرُّسُلَ." وَالْأَحْزابُ مِنْ بَعْدِهِمْ" أي والأمم الذين تحزبوا عل أَنْبِيَائِهِمْ بِالتَّكْذِيبِ نَحْو عَادٍ وَثَمُودَ فَمَنْ بَعْدَهُمْ." وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ" أَيْ لِيَحْبِسُوهُ وَيُعَذِّبُوهُ وَقَالَ قَتَادَةُ وَالسُّدِّيُّ: لِيَقْتُلُوهُ. وَالْأَخْذُ يَرِدُ بِمَعْنَى الْإِهْلَاكِ، كَقَوْلِهِ:" ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ" [الحج: ٤٤]. وَالْعَرَبُ تُسَمِّي الْأَسِيرَ الْأَخِيذَ، لِأَنَّهُ مَأْسُورٌ لِلْقَتْلِ، وَأَنْشَدَ قُطْرُبٌ قَوْلَ الشَّاعِرِ:

فَإِمَّا تَأْخُذُونِي تَقْتُلُونِي ... - فَكَمْ مِنْ آخِذٍ يَهْوَى خُلُودِي «١»

وَفِي وَقْتِ أَخْذِهِمْ لِرَسُولِهِمْ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا عِنْدَ دُعَائِهِ لَهُمْ. الثَّانِي عِنْدَ نُزُولِ الْعَذَابِ بِهِمْ." وَجادَلُوا بِالْباطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ" أَيْ لِيُزِيلُوا. وَمِنْهُ مَكَانٌ دَحْضٌ أَيْ مَزْلَقَةٌ، وَالْبَاطِلُ دَاحِضٌ، لِأَنَّهُ يَزْلَقُ وَيَزِلُّ فَلَا يَسْتَقِرُّ. قَالَ يَحْيَى بْنُ سَلَّامٍ: جَادَلُوا الْأَنْبِيَاءَ بِالشِّرْكِ لِيُبْطِلُوا بِهِ الْإِيمَانَ." فَأَخَذْتُهُمْ" أَيْ بِالْعَذَابِ." فَكَيْفَ كانَ عِقابِ" أَيْ عَاقِبَةُ الْأُمَمِ الْمُكَذِّبَةِ. أَيْ أَلَيْسَ وَجَدُوهُ حَقًّا. قَوْلُهُ تَعَالَى:" وَكَذلِكَ حَقَّتْ" أَيْ وَجَبَتْ وَلَزِمَتْ، مَأْخُوذٌ مِنَ الْحَقِّ لِأَنَّهُ اللَّازِمُ." كَلِمَةُ رَبِّكَ" هَذِهِ قِرَاءَةُ الْعَامَّةِ عَلَى التَّوْحِيدِ. وَقَرَأَ نَافِعٌ وَابْنُ عامر:" كلمات" جمعا.


(١). في تفسير السمين:
وكم من واحد يهوى خلودي