للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

آخَرُ:

أَنْتُمْ أَوْسَطُ حَيٍّ عَلِمُوا ... بِصَغِيرِ الْأَمْرِ أَوْ إِحْدَى الْكُبَرِ

وَقَالَ آخَرُ:

لَا تَذْهَبَنَّ فِي الْأُمُورِ فَرَطًا ... لَا تَسْأَلَنَّ إِنْ سَأَلْتَ شَطَطَا

وَكُنْ مِنَ النَّاسِ جَمِيعًا وَسَطَا

وَوَسَطُ الْوَادِي: خَيْرُ مَوْضِعٍ فِيهِ وَأَكْثَرُهُ كَلَأً وَمَاءً. ولما كان الوسط مجانبا للغلق وَالتَّقْصِيرِ كَانَ مَحْمُودًا، أَيْ هَذِهِ الْأُمَّةُ لَمْ تُغْلِ غُلُوَّ النَّصَارَى فِي أَنْبِيَائِهِمْ، وَلَا قَصَّرُوا تَقْصِيرَ الْيَهُودِ فِي أَنْبِيَائِهِمْ. وَفِي الْحَدِيثِ: (خَيْرُ الْأُمُورِ أَوْسَطُهَا). وَفِيهِ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:" عَلَيْكُمْ «١» بِالنَّمَطِ الْأَوْسَطِ، فَإِلَيْهِ يَنْزِلُ الْعَالِي، وَإِلَيْهِ يَرْتَفِعُ النَّازِلَ". وَفُلَانٌ مِنْ أَوْسَطِ قَوْمِهِ، وَإِنَّهُ لَوَاسِطَةُ قَوْمِهِ، وَوَسَطَ قَوْمِهِ، أَيْ مِنْ خِيَارِهِمْ وَأَهْلُ الْحَسَبِ مِنْهُمْ. وَقَدْ وَسَطَ وَسَاطَةً وَسِطَةً، وَلَيْسَ مِنَ الْوَسَطِ الَّذِي بَيْنَ شَيْئَيْنِ في شي. وَالْوَسْطُ (بِسُكُونِ السِّينِ) الظَّرْفُ، تَقُولُ: صَلَّيْتُ وَسْطَ الْقَوْمِ. وَجَلَسْتُ وَسَطَ الدَّارِ (بِالتَّحْرِيكِ) لِأَنَّهُ اسْمٌ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَكُلُّ مَوْضِعٍ صَلُحَ فِيهِ" بَيْنَ" فَهُوَ وَسْطٌ، وَإِنْ لَمْ يَصْلُحْ فِيهِ" بَيْنَ" فَهُوَ وَسَطٌ بِالتَّحْرِيكِ، وَرُبَّمَا يُسَكَّنُ وَلَيْسَ بِالْوَجْهِ. الثَّانِيَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى:" لِتَكُونُوا" نُصِبَ بِلَامِ كَيْ، أي لان تكونوا." شُهَداءَ" خَبَرُ كَانَ." عَلَى النَّاسِ" أَيْ فِي الْمَحْشَرِ لِلْأَنْبِيَاءِ عَلَى أُمَمِهِمْ، كَمَا ثَبَتَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (يُدْعَى نُوحٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَقُولُ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ يَا رَبِّ فَيَقُولُ هَلْ بَلَّغْتَ فَيَقُولُ نَعَمْ فَيُقَالُ لِأُمَّتِهِ هَلْ بَلَّغَكُمْ فَيَقُولُونَ مَا أَتَانَا مِنْ نَذِيرٍ فَيَقُولُ مَنْ يَشْهَدُ لَكَ فَيَقُولُ مُحَمَّدٌ وَأُمَّتُهُ فَيَشْهَدُونَ أَنَّهُ قَدْ بَلَّغَ وَيَكُونُ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا فَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً ... (. وَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ مُطَوَّلًا ابن المبارك بمعناه،


(١). في اللسان والنهاية:" ... خير هذه الامة النمط الأوسط، يلحق بهم التالي، ويرجع إليهم الغالي" والنمط: جماعة من الناس أمرهم واحد. وقيل: هو الطريقة.