الْقُرْآنِ. وَهُوَ قَوْلُ قَتَادَةَ. وَقَالَ الْقُرَظِيُّ: افْتِتَاحُ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى قَدِيرٌ وَقَاهِرٌ وَقَرِيبٌ وَقَاضٍ وَقَابِضٌ. وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: فَاتِحَةُ السُّورَةِ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْوَرَّاقُ: مَعْنَاهُ قِفْ عِنْدَ أَمْرِنَا وَنَهْيِنَا وَلَا تَعْدُهُمَا. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَاصِمٍ الْأَنْطَاكِيُّ: هُوَ قُرْبُ اللَّهِ مِنْ عِبَادِهِ، بَيَانُهُ (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ). وَقَالَ ابْنُ عَطَاءٍ: أَقْسَمَ اللَّهُ بِقُوَّةِ قَلْبِ حَبِيبِهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَيْثُ حَمَلَ الْخِطَابَ وَلَمْ يُؤَثِّرْ ذَلِكَ فِيهِ لِعُلُوِّ حَالِهِ. (وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ) أَيِ الرَّفِيعُ الْقَدْرِ. وَقِيلَ: الْكَرِيمُ، قَالَهُ الْحَسَنُ. وَقِيلَ: الْكَثِيرُ، مَأْخُوذٌ مِنْ كَثْرَةِ الْقَدْرِ وَالْمَنْزِلَةِ لَا مِنْ كَثْرَةِ الْعَدَدِ، مِنْ قَوْلِهِمْ: كَثِيرُ فُلَانٍ فِي النُّفُوسِ، وَمِنْهُ قَوْلُ الْعَرَبِ فِي الْمَثَلِ السَّائِرِ: (فِي كُلِّ شَجَرٍ نَارٌ، وَاسْتَمْجَدَ الْمَرْخُ) «١» (وَالْعَفَارُ). أَيِ اسْتَكْثَرَ هَذَانِ النَّوْعَانِ من النار فزادا على سائر الشجر، قال ابْنُ بَحْرٍ. وَجَوَابُ الْقَسَمِ قِيلَ هُوَ: (قَدْ عَلِمْنا مَا تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ) عَلَى إِرَادَةِ اللَّامِ، أَيْ لَقَدْ عَلِمْنَا. وَقِيلَ: هُوَ (إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى) وَهُوَ اخْتِيَارُ التِّرْمِذِيِّ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: (ق) قَسَمٌ بِاسْمٍ هُوَ أَعْظَمُ الْأَسْمَاءِ الَّتِي خَرَجَتْ إِلَى الْعِبَادِ وَهُوَ الْقُدْرَةُ، وَأَقْسَمَ أَيْضًا بِالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ، ثُمَّ اقْتَصَّ ما خرج من القدرة من خلق السموات وَالْأَرَضِينَ وَأَرْزَاقِ الْعِبَادِ، وَخَلْقِ الْآدَمِيِّينَ، وَصِفَةِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ، ثُمَّ قَالَ: (إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ) فَوَقَعَ الْقَسَمُ عَلَى هَذِهِ الْكَلِمَةِ كَأَنَّهُ قَالَ: (ق) أَيْ بِالْقُدْرَةِ وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ أَقْسَمْتُ أَنَّ فِيمَا اقْتَصَصْتُ فِي هَذِهِ السُّورَةِ (لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ). وَقَالَ ابْنُ كَيْسَانَ: جَوَابُهُ (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ). وَقَالَ أَهْلُ الْكُوفَةِ: جَوَابُ هَذَا الْقَسَمِ (بَلْ عَجِبُوا). وَقَالَ الْأَخْفَشُ: جَوَابُهُ مَحْذُوفٌ كَأَنَّهُ قَالَ: (ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ) لَتُبْعَثُنَّ، يَدُلُّ عَلَيْهِ (أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً). قوله تعالى: (بَلْ عَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ) (أَنْ) فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى تَقْدِيرِ لِأَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ، يَعْنِي مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالضَّمِيرُ لِلْكُفَّارِ. وَقِيلَ: لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْكُفَّارِ جَمِيعًا. ثُمَّ مَيَّزَ بَيْنَهُمْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: (فَقالَ الْكافِرُونَ) وَلَمْ يَقُلْ فَقَالُوا، بَلْ قَبَّحَ حَالَهُمْ وَفِعْلَهُمْ وَوَصَفَهُمْ بِالْكُفْرِ، كَمَا تَقُولُ: جَاءَنِي فُلَانٌ فَأَسْمَعَنِي المكروه، وقال لي الفاسق
(١). المرخ والعفار: شجرتان فيهما نار ليس في غيرهما من الشجر، ويسوى من أغصانهما الزناد فيقتدح بها.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute