حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ. وَفِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كُنَّا نَعُدُّ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَجْلِسِ الْوَاحِدِ مِائَةَ مَرَّةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَقُومَ: (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَتُبْ عَلَيَّ إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الْغَفُورُ) قَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ وَالضَّحَّاكُ وَالرَّبِيعُ: الْمَعْنَى حِينَ تَقُومُ إِلَى الصَّلَاةِ. قَالَ الضَّحَّاكُ يَقُولُ: اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا، وَسُبْحَانَ اللَّهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا. قَالَ الْكِيَا الطَّبَرِيُّ: وَهَذَا فِيهِ بُعْدٌ، فَإِنَّ قَوْلَهُ: (حِينَ تَقُومُ) لَا يَدُلُّ عَلَى التَّسْبِيحِ بَعْدَ التَّكْبِيرِ، فَإِنَّ التَّكْبِيرَ هُوَ الَّذِي يَكُونُ بَعْدَ الْقِيَامِ، وَالتَّسْبِيحُ يَكُونُ وَرَاءَ ذَلِكَ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ فِيهِ حِينَ تَقُومُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ كَمَا قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وَقَالَ أَبُو الْجَوْزَاءِ وَحَسَّانُ بْنُ عَطِيَّةَ: الْمَعْنَى حِينَ تَقُومُ مِنْ مَنَامِكَ. قَالَ حَسَّانُ: لِيَكُونَ مُفْتَتِحًا لِعَمَلِهِ بِذِكْرِ اللَّهِ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: وَاذْكُرِ اللَّهَ بِاللِّسَانِ حِينَ تَقُومُ مِنْ فِرَاشِكَ إِلَى أَنْ تَدْخُلَ الصَّلَاةَ وَهِيَ صَلَاةُ الْفَجْرِ. وَفِي هَذَا رِوَايَاتٌ مُخْتَلِفَاتٌ صِحَاحٌ، مِنْهَا حَدِيثُ عُبَادَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (من تعارفي اللَّيْلِ فَقَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كل شي قَدِيرٌ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَسُبْحَانَ اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي أَوْ دَعَا اسْتُجِيبَ لَهُ فَإِنْ تَوَضَّأَ وَصَلَّى قُبِلَتْ صَلَاتُهُ) خَرَّجَهُ الْبُخَارِيُّ. تَعَارَّ الرَّجُلُ مِنَ اللَّيْلِ: إِذَا هَبَّ مِنْ نَوْمِهِ مَعَ صَوْتٍ، وَمِنْهُ عَارَّ الظَّلِيمُ يعر عِرَارًا وَهُوَ صَوْتُهُ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: عَرَّ الظَّلِيمُ يَعِرُّ عِرَارًا، كَمَا قَالُوا زَمَرَ النَّعَامُ يَزْمِرُ زِمَارًا. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ: (اللَّهُمَّ لك الحمد أنت نور السموات وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ قَيُّومُ السموات وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ رَبُّ السموات وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ أَنْتَ الْحَقُّ وَوَعْدُكَ الْحَقُّ وَقَوْلُكَ الْحَقُّ وَلِقَاؤُكَ الْحَقُّ وَالْجَنَّةُ حَقٌّ وَالنَّارُ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ حَقٌّ وَالنَّبِيُّونَ حَقٌّ وَمُحَمَّدٌ حَقٌّ اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ وَبِكَ آمَنْتُ وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ وَبِكَ خَاصَمْتُ وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ وَأَسْرَرْتُ وَأَعْلَنْتُ أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ وَلَا إِلَهَ غَيْرَكَ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَانَ إِذَا اسْتَيْقَظَ مِنَ اللَّيْلِ مَسَحَ النَّوْمَ عن وَجْهِهِ، ثُمَّ قَرَأَ الْعَشْرَ الْآيَاتِ الْأَوَاخِرَ مِنْ سورة (آل عمران) «١».
(١). من قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ... ) آية. ١٩.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute