للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سَائِرِ الْحَيَوَانِ. وَقَالَ السُّدِّيُّ: عَلَّمَ كُلَّ قَوْمٍ لِسَانَهُمُ الَّذِي يَتَكَلَّمُونَ بِهِ. وَقَالَ يَمَانٌ: الْكِتَابَةُ وَالْخَطُّ بِالْقَلَمِ. نَظِيرُهُ: (عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنْسانَ مَا «١» لَمْ يَعْلَمْ). (الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ) أَيْ يَجْرِيَانِ بِحِسَابٍ مَعْلُومٍ فَأَضْمَرَ الْخَبَرَ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةُ وَأَبُو مَالِكٍ: أَيْ يَجْرِيَانِ بِحِسَابٍ فِي مَنَازِلَ لَا يَعْدُوَانِهَا وَلَا يَحِيدَانِ عَنْهَا. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ وَابْنُ كَيْسَانَ: يَعْنِي أَنَّ بهما تحسب الأوقات والآجال الأعمار، وَلَوْلَا اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَمْ يَدْرِ أَحَدٌ كَيْفَ يَحْسُبُ شَيْئًا لَوْ كَانَ الدَّهْرُ كله أَوْ نَهَارًا. وَقَالَ السُّدِّيُّ: (بِحُسْبانٍ) تَقْدِيرُ آجَالِهِمَا أَيْ تَجْرِي بِآجَالٍ كَآجَالِ النَّاسِ، فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمَا هَلَكَا، نَظِيرُهُ: (كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى) «٢». وَقَالَ الضَّحَّاكُ: بِقَدَرٍ. مُجَاهِدٌ: (بِحُسْبانٍ) كَحُسْبَانِ الرَّحَى يَعْنِي قُطْبَهَا يَدُورَانِ فِي مِثْلِ الْقُطْبِ. وَالْحُسْبَانُ قد يكون مصدر حسبته أحسبته بِالضَّمِّ حَسْبًا وَحُسْبَانًا، مِثْلُ الْغُفْرَانِ وَالْكُفْرَانِ وَالرُّجْحَانِ، وَحِسَابَةٌ أَيْضًا أَيْ عَدَدْتُهُ. وَقَالَ الْأَخْفَشُ: وَيَكُونُ جَمَاعَةَ الْحِسَابِ مِثْلُ شِهَابٍ وَشُهْبَانٍ. وَالْحُسْبَانُ أَيْضًا بِالضَّمِّ الْعَذَابُ وَالسِّهَامُ الْقِصَارُ، وَقَدْ مَضَى فِي (الْكَهْفِ) «٣» الْوَاحِدَةُ حُسْبَانَةٌ، وَالْحُسْبَانَةُ أَيْضًا الْوِسَادَةُ الصَّغِيرَةُ، تقول منه: حسبته إذا وسدته، قال»

:

... لَثَوَيْتَ غَيْرَ مُحَسَّبِ

أَيْ غَيْرَ مُوَسَّدٍ يَعْنِي غَيْرَ مُكَرَّمٍ وَلَا مُكَفَّنٍ (وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ) قال ابن عباس وغيره: النجم مالا ساق له والشجر ماله سَاقٌ، وَأَنْشَدَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَوْلَ صَفْوَانَ بْنِ أَسَدٍ التَّمِيمِيُّ:

لَقَدْ أَنْجَمَ الْقَاعُ الْكَبِيرُ عِضَاهَهُ ... وَتَمَّ بِهِ حَيَّا تَمِيمٍ وَوَائِلِ

وَقَالَ زُهَيْرُ بْنُ أَبِي سُلْمَى:

مُكَلَّلٌ بِأُصُولِ النَّجْمِ تَنْسِجُهُ ... ريح الجنوب لضاحي مائه حبك


(١). راجع ج ٢٠ ص ١٢٠.
(٢). راجع ج ٩ ص ٢٧٩.
(٣). راجع ج ١٠ ص ٤٠٨.
(٤). هو نهيك الفزاري يخاطب عامر بن الطفيل، والبيت بتمامه:
لتقيت بالوجعاء طعنة مرهف ... مران أو لثويت غير محسب
الوجعاء الاست. يقول: لو طعنتك لوليتني دبرك واتقيت طعنتي بوجعائك، ولثويت هالكا غير مكرم.