للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَفَعَهُ (إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً) قَالَ: (هُنَّ الْعَجَائِزُ الْعُمْشُ الرُّمْصُ كُنَّ فِي الدُّنْيَا عُمْشًا رُمْصًا). وَقَالَ الْمُسَيِّبُ بْنُ شَرِيكٍ: قَالَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ (إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً) [الْآيَةَ «١»] قَالَ: (هُنَّ عَجَائِزُ الدُّنْيَا أَنْشَأَهُنَّ اللَّهُ خَلْقًا جَدِيدًا كُلَّمَا أَتَاهُنَّ أَزْوَاجُهُنَّ وَجَدُوهُنَّ أَبْكَارًا) فَلَمَّا سَمِعَتْ عَائِشَةُ ذَلِكَ قَالَتْ: وَاوَجَعَاهْ! فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَيْسَ هُنَاكَ وَجَعٌ). (عُرُباً) جَمْعُ عَرُوبٍ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ وَغَيْرُهُمَا: الْعُرُبُ الْعَوَاشِقُ لِأَزْوَاجِهِنَّ. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا: إِنَّهَا الْعَرُوبُ الْمَلَقَةُ. عِكْرِمَةُ: الْغَنِجَةُ. ابْنُ زَيْدٍ: بِلُغَةِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ. وَمِنْهُ قَوْلُ لَبِيَدٍ:

وَفِي الْخِبَاءِ «٢» عَرُوبٌ غَيْرُ فَاحِشَةٍ ... رَيَّا الرَّوَادِفِ يَعْشَى دُونَهَا الْبَصَرُ

وَهِيَ الشَّكِلَةُ «٣» بِلُغَةِ أَهْلِ مَكَّةَ. وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَيْضًا: الْحَسَنَةُ الْكَلَامِ. وَعَنْ عِكْرِمَةَ أَيْضًا وَقَتَادَةَ: الْعُرُبُ الْمُتَحَبِّبَاتُ إِلَى أَزْوَاجِهِنَّ، وَاشْتِقَاقُهُ مِنْ أَعْرَبَ إِذَا بَيَّنَ، فَالْعَرُوبُ تُبَيِّنُ مَحَبَّتَهَا لِزَوْجِهَا بِشَكْلٍ وَغُنْجٍ وَحُسْنِ كَلَامٍ. وَقِيلَ: إِنَّهَا الْحَسَنَةُ التَّبَعُّلِ «٤» لِتَكُونَ أَلَذَّ اسْتِمْتَاعًا. وَرَوَى جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (عُرُباً) قَالَ: (كَلَامُهُنَّ عَرَبِيٌّ). وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَأَبُو بَكْرٍ عَنْ عَاصِمٍ (عُرْبًا) بِإِسْكَانِ الرَّاءِ. وَضَمَّ الْبَاقُونَ وَهُمَا جَائِزَانِ فِي جَمْعِ فَعُولٍ. (أَتْراباً) عَلَى مِيلَادٍ وَاحِدٍ فِي الِاسْتِوَاءِ وَسِنٍّ وَاحِدَةٍ ثَلَاثٌ وَثَلَاثِينَ سَنَةً. يُقَالُ فِي النِّسَاءِ أَتْرَابٌ وَفِي الرِّجَالِ أَقْرَانٌ. وَكَانَتِ الْعَرَبُ تَمِيلُ إِلَى مَنْ جَاوَزَتْ حَدَّ الصِّبَا مِنَ النِّسَاءِ وَانْحَطَّتْ عَنِ الْكِبَرِ. وَقِيلَ: (أَتْراباً) أَمْثَالًا وَأَشْكَالًا، قَالَهُ مُجَاهِدٌ. السُّدِّيُّ: أَتْرَابٌ فِي الْأَخْلَاقِ لا تباغض بينهن ولا تحاسد. قِيلَ: الْحُورُ الْعِينُ لِلسَّابِقِينَ، وَالْأَتْرَابُ الْعُرُبُ لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: (ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ. وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ) رَجَعَ الْكَلَامُ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: (وَأَصْحابُ الْيَمِينِ ما أَصْحابُ الْيَمِينِ) أي هم (ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ. وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ) وَقَدْ مَضَى الْكَلَامُ فِي مَعْنَاهُ. وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ ومجاهد وعطاء بن أبي رباح والضحاك:


(١). زيادة من ب.
(٢). في الديوان: (وفى الخروج) جمع الحرج، وهو الهودج.
(٣). الشكلة (بفتح الشين وكسر الكاف): ذات الدل.
(٤). أي مطاوعة لزوجها محبة له.