للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لِلْمُسَافِرِينَ: مُقْوِينَ إِذَا نَزَلُوا الْقِيَّ وَهِيَ الْأَرْضُ الْقَفْرُ الَّتِي لَا شَيْءَ فِيهَا. وَكَذَلِكَ الْقَوَى وَالْقَوَاءُ بِالْمَدِّ وَالْقَصْرِ، وَمَنْزِلٌ قَوَاءٌ لَا أَنِيسَ بِهِ، يُقَالُ: أَقْوَتِ الدَّارُ وَقَوِيَتْ أَيْضًا أَيْ خَلَتْ مِنْ سُكَّانِهَا، قَالَ النَّابِغَةُ:

يَا دَارَ مَيَّةَ بِالْعَلْيَاءِ فَالسَّنَدِ ... أَقْوَتْ وَطَالَ عَلَيْهَا سَالِفُ الْأَمَدِ

وَقَالَ عَنْتَرَةَ:

حُيِّيَتِ مِنْ طَلَلٍ تَقَادَمَ عَهْدُهُ ... أَقْوَى وَأَقْفَرَ بَعْدَ أُمِّ الْهَيْثَمِ

وَيُقَالُ: أَقْوَى أَيْ قَوِيَ وَقَوِيَ أَصْحَابُهُ، وَأَقْوَى إِذَا سَافَرَ أَيْ نَزَلَ الْقَوَاءَ وَالْقِيَّ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: (لِلْمُقْوِينَ) الْمُسْتَمْتِعِينَ بِهَا مِنَ النَّاسِ أَجْمَعِينَ فِي الطَّبْخِ وَالْخَبْزِ وَالِاصْطِلَاءِ وَالِاسْتِضَاءَةِ، وَيُتَذَكَّرُ بِهَا نَارُ جَهَنَّمَ فَيُسْتَجَارُ بِاللَّهِ مِنْهَا. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: لِلْجَائِعِينَ فِي، إِصْلَاحِ طَعَامِهِمْ. يُقَالُ: أَقْوَيْتُ مُنْذُ كَذَا وَكَذَا، أَيْ مَا أَكَلْتُ شَيْئًا، وَبَاتَ فُلَانٌ الْقَوَاءَ وَبَاتَ الْقَفْرَ إِذَا بَاتَ جَائِعًا عَلَى غَيْرِ طُعْمٍ، قَالَ الشَّاعِرُ «١»:

وَإِنِّي لَأَخْتَارُ الْقَوَى طَاوِيَ الْحَشَى ... مُحَافَظَةً مِنْ أَنْ يُقَالَ لَئِيمُ

وَقَالَ الرَّبِيعُ وَالسُّدِّيُّ: (الْمُقْوِينَ) الْمُنْزِلِينَ [الَّذِينَ «٢»] لَا زِنَادَ مَعَهُمْ، يَعْنِي نَارًا يُوقِدُونَ فَيَخْتَبِزُونَ بِهَا؟ وَرَوَاهُ الْعَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَقَالَ قُطْرُبٌ: الْمُقْوِيُّ مِنَ الْأَضْدَادِ يَكُونُ بِمَعْنَى الْفَقِيرِ وَيَكُونُ بِمَعْنَى الْغَنِيِّ، يُقَالُ: أَقْوَى الرَّجُلُ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ زَادٌ، وَأَقْوَى إِذَا قَوِيَتْ دَوَابُّهُ وَكَثُرَ مَالُهُ. الْمَهْدَوِيُّ: وَالْآيَةُ تَصْلُحُ لِلْجَمِيعِ، لِأَنَّ النَّارَ يَحْتَاجُ إِلَيْهَا الْمُسَافِرُ وَالْمُقِيمُ وَالْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ. وَحَكَى الثَّعْلَبِيُّ أَنَّ أَكْثَرَ الْمُفَسِّرِينَ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ. الْقُشَيْرِيُّ: وَخَصَّ الْمُسَافِرَ بِالِانْتِفَاعِ بِهَا لِأَنَّ انْتِفَاعَهُ بِهَا أَكْثَرُ مِنْ مَنْفَعَةِ الْمُقِيمِ، لِأَنَّ أَهْلَ الْبَادِيَةِ لَا بُدَّ لَهُمْ مِنَ النَّارِ يُوقِدُونَهَا لَيْلًا لِتَهْرُبَ مِنْهُمُ السِّبَاعُ، وَفِي كَثِيرٍ مِنْ حَوَائِجِهِمْ. قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ) أَيْ فَنَزِّهِ اللَّهَ عَمَّا أَضَافَهُ إِلَيْهِ الْمُشْرِكُونَ مِنَ الْأَنْدَادِ، وَالْعَجْزِ عَنِ الْبَعْثِ.


(١). هو حاتم طى.
(٢). زيادة من ب.