للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رواه أبو نمير الهمداني. (وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ) أَيْ (تَرَبَّصْتُمْ) بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَوْتَ، وَبِالْمُؤْمِنِينَ الدَّوَائِرَ. وَقِيلَ: (تَرَبَّصْتُمْ) بِالتَّوْبَةِ (وَارْتَبْتُمْ) أَيْ شَكَكْتُمْ فِي التَّوْحِيدِ وَالنُّبُوَّةِ (وَغَرَّتْكُمُ الْأَمانِيُّ) أَيِ الْأَبَاطِيلُ. وَقِيلَ: طُولُ الْأَمَلِ. وَقِيلَ: هُوَ مَا كَانُوا يَتَمَنَّوْنَهُ مِنْ ضَعْفِ الْمُؤْمِنِينَ وَنُزُولِ الدَّوَائِرِ بِهِمْ. وَقَالَ قَتَادَةُ: الْأَمَانِيُّ هُنَا خُدَعُ الشَّيْطَانِ. وَقِيلَ: الدُّنْيَا، قَالَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ «١». وَقَالَ أَبُو سِنَانٍ: هُوَ قَوْلُهُمْ سَيُغْفَرُ لَنَا. وَقَالَ بِلَالُ بْنُ سَعْدٍ: ذِكْرُكَ حَسَنَاتَكَ وَنِسْيَانُكَ سَيِّئَاتِكَ غِرَّةٌ. (حَتَّى جاءَ أَمْرُ اللَّهِ) يَعْنِي الْمَوْتَ. وَقِيلَ: نُصْرَةُ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ قَتَادَةُ: إِلْقَاؤُهُمْ فِي النَّارِ. (وَغَرَّكُمْ) أَيْ خَدَعَكُمْ (بِاللَّهِ الْغَرُورُ) أَيِ الشَّيْطَانُ، قَالَهُ عِكْرِمَةُ. وَقِيلَ: الدُّنْيَا، قَالَهُ الضَّحَّاكُ. وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: إِنَّ لِلْبَاقِي بِالْمَاضِي مُعْتَبَرًا، وَلِلْآخَرِ بِالْأَوَّلِ مُزْدَجَرًا، وَالسَّعِيدُ مَنْ لَا يَغْتَرُّ بِالطَّمَعِ، وَلَا يَرْكَنُ إِلَى الْخُدَعِ، وَمَنْ ذَكَرَ الْمَنِيَّةَ نَسِيَ الْأُمْنِيَّةَ، وَمَنْ أَطَالَ الْأَمَلَ نَسِيَ الْعَمَلَ، وَغَفَلَ عَنِ الْأَجَلِ. وَجَاءَ (الْغَرُورُ) عَلَى لَفْظِ الْمُبَالَغَةِ لِلْكَثْرَةِ. وَقَرَأَ أَبُو حَيْوَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ السميقع وَسِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ (الْغُرُورُ) بِضَمِّ الْغَيْنِ يَعْنِي الْأَبَاطِيلَ وَهُوَ مَصْدَرٌ. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَّ لَنَا خُطُوطًا، وَخَطَّ مِنْهَا خَطًّا نَاحِيَةً فَقَالَ: (أَتَدْرُونَ مَا هَذَا هَذَا مَثَلُ ابْنِ آدَمَ وَمَثَلُ التَّمَنِّي وَتِلْكَ الْخُطُوطُ الْآمَالُ بَيْنَمَا هُوَ يَتَمَنَّى إِذْ جَاءَهُ الْمَوْتُ (. وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: خَطَّ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطًّا مُرَبَّعًا، وَخَطَّ وَسَطَهُ خَطًّا وَجَعَلَهُ خَارِجًا مِنْهُ، وَخَطَّ عَنْ يَمِينِهِ وَيَسَارِهِ خُطُوطًا صِغَارًا فَقَالَ: (هَذَا ابْنُ آدَمَ وَهَذَا أَجُلُهُ مُحِيطٌ بِهِ وَهَذَا أَمَلُهُ قَدْ جَاوَزَ أَجَلَهُ وَهَذِهِ الْخُطُوطُ الصِّغَارُ الْأَعْرَاضُ فَإِنْ أَخْطَأَهُ هَذَا نَهَشَهُ هَذَا وَإِنْ أَخْطَأَهُ هَذَا نَهَشَهُ هَذَا (. قَوْلُهُ تَعَالَى:) فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ) أَيُّهَا الْمُنَافِقُونَ (وَلا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا) أَيْأَسُهُمْ مِنَ النَّجَاةِ. وَقِرَاءَةُ الْعَامَّةِ (يُؤْخَذُ) بِالْيَاءِ، لِأَنَّ التَّأْنِيثَ غَيْرُ. حَقِيقِيٍّ، وَلِأَنَّهُ قَدْ فَصَلَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْفِعْلِ. وَقَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ وَيَعْقُوبُ (تُؤْخَذُ) بِالتَّاءِ وأختاره أبو حاتم لتأنيث الفدية. والأول


(١). في ب، ز، س، ل، هـ: (عبد الله بن عياش).