للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَرِيَّةٍ مِنْ سَرَايَاهُ فَقَالَ: مَرَّ رجل بغار فيه شي مِنْ مَاءٍ، فَحَدَّثَ نَفْسَهُ بِأَنْ يُقِيمَ فِي ذَلِكَ الْغَارِ، فَيَقُوتُهُ مَا كَانَ فِيهِ مِنْ مَاءٍ وَيُصِيبُ مَا حَوْلَهُ مِنَ الْبَقْلِ وَيَتَخَلَّى عَنِ الدُّنْيَا. قَالَ: لَوْ أَنِّي أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَإِنْ أَذِنَ لِي فَعَلْتُ وَإِلَّا لَمْ أَفْعَلْ، فأتاه فقال: يا نبى الله! انى مرت بِغَارٍ فِيهِ مَا يَقُوتُنِي مِنَ الْمَاءِ وَالْبَقْلِ، فَحَدَّثَتْنِي نَفْسِي بِأَنْ أُقِيمَ فِيهِ وَأَتَخَلَّى مِنَ الدُّنْيَا. قَالَ: فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (م أُبْعَثْ بِالْيَهُودِيَّةِ وَلَا بِالنَّصْرَانِيَّةِ وَلَكِنِّي بُعِثْتُ بِالْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَغَدْوَةٌ أَوْ رَوْحَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا وَلَمَقَامُ أَحَدِكُمْ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ خَيْرٌ مِنْ صَلَاتِهِ سِتِّينَ سَنَةً (. وَرَوَى الْكُوفِيُّونَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (هَلْ تَدْرِي أَيُّ النَّاسِ أَعْلَمُ) قَالَ قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: (أَعْلَمُ النَّاسِ أَبْصَرُهُمْ بِالْحَقِّ إِذَا اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهِ وَإِنْ كَانَ مُقَصِّرًا فِي الْعَمَلِ وَإِنْ كَانَ يَزْحَفُ عَلَى اسْتِهِ هَلْ تَدْرِي مِنْ أَيْنَ اتَّخَذَ بَنُو إِسْرَائِيلَ الرَّهْبَانِيَّةَ ظَهَرَتْ عَلَيْهِمُ الْجَبَابِرَةُ بَعْدَ عِيسَى يَعْمَلُونَ بِمَعَاصِي اللَّهِ فَغَضِبَ أَهْلُ الْإِيمَانِ فَقَاتَلُوهُمْ فَهُزِمَ أَهْلُ الْإِيمَانِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ إِلَّا الْقَلِيلُ فَقَالُوا إِنْ أَفَنَوْنَا فَلَمْ يَبْقَ لِلدِّينِ أَحَدٌ يَدْعُونَ إِلَيْهِ فَتَعَالَوْا نَفْتَرِقُ فِي الْأَرْضِ إِلَى أَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي وَعَدَنَا عِيسَى- يَعْنُونَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَتَفَرَّقُوا فِي غِيرَانِ الْجِبَالِ وَأَحْدَثُوا رَهْبَانِيَّةً فَمِنْهُمْ مَنْ تَمَسَّكَ بِدِينِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ- وَتَلَا (وَرَهْبانِيَّةً) الْآيَةَ- أَتَدْرِي مَا رَهْبَانِيَّةُ أُمَّتِي الهجرة والجهاد والصوم والصلاة وَالْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ وَالتَّكْبِيرُ عَلَى التِّلَاعِ يَا ابْنَ مَسْعُودٍ اخْتَلَفَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ مِنَ الْيَهُودِ عَلَى إِحْدَى وَسَبْعِينَ فِرْقَةً فَنَجَا مِنْهُمْ فِرْقَةٌ وَهَلَكَ سَائِرُهَا وَاخْتَلَفَ مَنْ كَانَ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ النَّصَارَى عَلَى اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً فَنَجَا مِنْهُمْ ثَلَاثَةٌ وَهَلَكَ سَائِرُهَا فِرْقَةٌ وَازَتِ الْمُلُوكَ وَقَاتَلَتْهُمْ عَلَى دِينِ اللَّهِ وَدِينِ عِيسَى- عَلَيْهِ السَّلَامُ- حَتَّى قُتِلُوا وَفِرْقَةٌ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ طَاقَةٌ بِمُوَازَاةِ الْمُلُوكِ أَقَامُوا بَيْنَ ظَهْرَانَيْ قَوْمِهِمْ فدعوهم إلى دين الله ودين عيسى بن مَرْيَمَ فَأَخَذَتْهُمُ الْمُلُوكُ وَقَتَلَتْهُمْ وَقَطَّعَتْهُمْ بِالْمَنَاشِيرِ وَفِرْقَةٌ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ طَاقَةٌ بِمُوَازَاةِ الْمُلُوكِ وَلَا بِأَنْ يُقِيمُوا بَيْنَ ظَهْرَانَيْ قَوْمِهِمْ فَيَدْعُوهُمْ إِلَى دِينِ اللَّهِ وَدِينِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ فَسَاحُوا فِي الْجِبَالِ وَتَرَهَّبُوا فِيهَا وَهِيَ الَّتِي قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِمْ: (وَرَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها) الْآيَةَ- فَمَنْ