للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَأَنْزَلَ اللَّهُ: (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ) الْآيَةَ. وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيثِ قَتَادَةَ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُ قَالَ: إِنَّ أَوْسَ بْنَ الصَّامِتِ ظَاهَرَ مِنِ امْرَأَتِهِ خُوَيْلَةَ بِنْتِ ثَعْلَبَةَ فَشَكَتْ ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: ظَاهَرَ حِينَ كَبِرَتْ سِنِّي وَرَقَّ عَظْمِي. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى آيَةَ الظِّهَارِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَوْسٍ: (اعْتِقْ رَقَبَةً) قَالَ: مَالِي بِذَلِكَ يَدَانِ. قَالَ: (فَصُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ) قَالَ: أَمَا إِنِّي إِذَا أَخْطَأَنِي أَنْ آكُلَ فِي يَوْمٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ يَكِلُّ بَصَرِي. قَالَ: (فَأَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا) قَالَ: مَا أَجِدُ إِلَّا أَنْ تُعِينَنِي مِنْكَ بِعَوْنٍ وَصِلَةٍ. قَالَ: فَأَعَانَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا حَتَّى جَمَعَ اللَّهُ لَهُ [وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ «١»]. (إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) قَالَ: فَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ عِنْدَهُ مِثْلَهَا وَذَلِكَ لِسِتِّينَ مِسْكِينًا، وَفِي التِّرْمِذِيِّ وسنن ابن ماجة: أن سلمة ابن صَخْرٍ الْبَيَاضِيَّ ظَاهَرَ مِنِ امْرَأَتِهِ، وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: (اعْتِقْ رَقَبَةً) قَالَ: فَضَرَبْتُ صَفْحَةَ عُنُقِي بِيَدِي. فَقُلْتُ: لَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أَصْبَحْتُ أَمْلِكُ غَيْرَهَا. قَالَ: (فَصُمْ شَهْرَيْنِ) فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! وَهَلْ أَصَابَنِي مَا أَصَابَنِي إِلَّا فِي الصِّيَامِ. قَالَ: (فَأَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا) الْحَدِيثَ. وَذَكَرَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي أَحْكَامِهِ: رُوِيَ أَنَّ خَوْلَةَ بنت دليج ظَاهَرَ مِنْهَا زَوْجُهَا، فَأَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَتْهُ عَنْ ذَلِكَ. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (قَدْ حَرُمْتِ عَلَيْهِ) فَقَالَتْ: أَشْكُو إِلَى اللَّهِ حَاجَتِي. [ثُمَّ عَادَتْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (حَرُمْتِ عَلَيْهِ) فَقَالَتْ: إِلَى اللَّهِ أَشْكُو حَاجَتِي إِلَيْهِ «٢»] وَعَائِشَةُ تَغْسِلُ شِقَّ رَأْسِهِ الْأَيْمَنَ، ثُمَّ تَحَوَّلَتْ إِلَى الشِّقِّ الْآخَرِ وَقَدْ نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ، فَذَهَبَتْ أَنْ تُعِيدَ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: اسْكُتِي فَإِنَّهُ قَدْ نَزَلَ الْوَحْيُ. فَلَمَّا نَزَلَ الْقُرْآنُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِزَوْجِهَا: (اعْتِقْ رَقَبَةً) قَالَ: لَا أَجِدُ. قَالَ: (صُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ) قَالَ: إِنْ لَمْ آكُلْ فِي الْيَوْمِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ خِفْتُ أَنْ يَعْشُوَ بَصَرِي. قَالَ: (فَأَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا). قَالَ: فَأَعِنِّي. فَأَعَانَهُ بِشَيْءٍ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ النَّحَّاسُ: أَهْلُ التفسير على أنها خولة


(١). الزيادة من ح، ز، ل، هـ.
(٢). الزيادة من الأحكام لابن العربي.