يَقُولُ: كَيْ لَا يُعْمَلَ فِيهِ كَمَا كَانَ يُعْمَلُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ. فَجَعَلَ اللَّهُ هَذَا لِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقْسِمُهُ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي أَمَرَ بِهَا لَيْسَ فِيهَا خُمُسٌ، فَإِذَا جَاءَ خُمُسٌ وَقَعَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ جَمِيعًا. السَّادِسَةُ- قَوْلِهِ تَعَالَى: وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا أَيْ مَا أَعْطَاكُمْ مِنْ مَالِ الْغَنِيمَةِ فَخُذُوهُ، وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ مِنَ الْأَخْذِ وَالْغُلُولِ «١» فَانْتَهُوا، قَالَهُ الْحَسَنُ وَغَيْرُهُ. السُّدِّيُّ: مَا أَعْطَاكُمْ مِنْ مَالِ الْفَيْءِ فَاقْبَلُوهُ، وَمَا مَنَعَكُمْ مِنْهُ فَلَا تَطْلُبُوهُ. وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: مَا آتَاكُمْ مِنْ طَاعَتِي فَافْعَلُوهُ، وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ مِنْ مَعْصِيَتِي فَاجْتَنِبُوهُ. الْمَاوَرْدِيُّ: وَقِيلَ إِنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْعُمُومِ فِي جَمِيعِ أَوَامِرِهِ وَنَوَاهِيهِ، لَا يَأْمُرُ إِلَّا بِصَلَاحٍ وَلَا يَنْهَى إِلَّا عَنْ فَسَادٍ. قُلْتُ: هَذَا هُوَ مَعْنَى الْقَوْلِ الَّذِي قَبْلَهُ. فَهِيَ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ. السَّابِعَةُ- قَالَ الْمَهْدَوِيُّ: قَوْلِهِ تَعَالَى: وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا هَذَا يُوجِبُ أَنَّ كُلَّ مَا أُمِرَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْرٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى. وَالْآيَةُ وَإِنْ كَانَتْ فِي الْغَنَائِمِ فَجَمِيعُ أَوَامِرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَوَاهِيهِ دَخَلَ فِيهَا. وَقَالَ الْحَكَمُ بْنُ عُمَيْرٍ- وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ- قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ صَعْبٌ مُسْتَصْعَبٌ عَسِيرٌ عَلَى مَنْ تَرَكَهُ يَسِيرٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَهُ وَطَلَبَهُ. وَحَدِيثِي صَعْبٌ مُسْتَصْعَبٌ وَهُوَ الْحُكْمُ فَمَنِ اسْتَمْسَكَ بِحَدِيثِي وَحَفِظَهُ نَجَا مَعَ الْقُرْآنِ. وَمَنْ تَهَاوَنَ بِالْقُرْآنِ وَحَدِيثِي خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ. وَأُمِرْتُمْ أَنْ تَأْخُذُوا بِقَوْلِي وَتَكْتَنِفُوا أَمْرِي وَتَتَّبِعُوا سُنَّتِي فَمَنْ رَضِيَ بِقَوْلِي فَقَدْ رَضِيَ بِالْقُرْآنِ وَمَنِ اسْتَهْزَأَ بِقَوْلِي فَقَدِ اسْتَهْزَأَ بِالْقُرْآنِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا (. الثَّامِنَةُ- قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدٍ: لَقِيَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَجُلًا مُحْرِمًا وَعَلَيْهِ ثِيَابُهُ فَقَالَ لَهُ: انْزِعْ عَنْكَ هَذَا. فَقَالَ الرَّجُلُ: أَتَقْرَأُ عَلَيَّ بِهَذَا آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى؟ قَالَ: نَعَمْ، وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ هَارُونَ الْفِرْيَابِيُّ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: سَلُونِي عَمَّا شِئْتُمْ أُخْبِرْكُمْ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَسُنَّةِ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ فَقُلْتُ لَهُ مَا تَقُولُ- أَصْلَحَكَ اللَّهُ- فِي الْمُحْرِمِ يَقْتُلُ الزُّنْبُورَ؟ قَالَ فقال:
(١). الغلول: الخيانة في المغنم، والسرقة من الغنيمة.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute