للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قُلْتُ: وَجْهُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ «١» [الحج: ٢٦]، وَقَوْلُهُ: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ «٢» [النور: ٣٦ وَحَقِيقَةُ الْبَيْتِ أَنْ يَكُونَ ذَا حِيطَانٍ وَسَقْفٍ. هَذَا الْعُرْفُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. الْخَامِسَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَتَرَكُوكَ قائِماً) شَرْطٌ فِي قِيَامِ الْخَطِيبِ عَلَى الْمِنْبَرِ إِذَا خَطَبَ. قَالَ عَلْقَمَةُ: سُئِلَ عَبْدُ اللَّهِ أَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ قَائِمًا أَوْ قَاعِدًا؟ فَقَالَ: أَمَا تَقْرَأُ وَتَرَكُوكَ قائِماً. وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ أَنَّهُ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أُمِّ الْحَكَمِ يَخْطُبُ قَاعِدًا فَقَالَ: انْظُرُوا إِلَى هَذَا الْخَبِيثِ، يَخْطُبُ قَاعِدًا وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها وَتَرَكُوكَ قائِماً. وَخَرَّجَ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يَخْطُبُ قَائِمًا ثُمَّ يَجْلِسُ، ثُمَّ يَقُومُ فَيَخْطُبُ، فَمَنْ نَبَّأَكَ أَنَّهُ كَانَ يَخْطُبُ جَالِسًا فَقَدْ كَذَبَ، فَقَدْ وَاللَّهِ صَلَّيْتُ مَعَهُ أَكْثَرَ مِنْ أَلْفَيْ صَلَاةٍ. وَعَلَى هَذَا جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ وَأَئِمَّةُ الْعُلَمَاءِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَيْسَ الْقِيَامُ بِشَرْطٍ فِيهَا. وَيُرْوَى أَنَّ أَوَّلَ مَنْ خَطَبَ قَاعِدًا مُعَاوِيَةُ. وَخَطَبَ عُثْمَانُ قَائِمًا حَتَّى رَقَّ فَخَطَبَ قَاعِدًا. وَقِيلَ: إِنَّ مُعَاوِيَةَ إِنَّمَا خَطَبَ قَاعِدًا لِسِنِّهِ. وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ قَائِمًا ثُمَّ يَقْعُدُ ثُمَّ يَقُومُ وَلَا يَتَكَلَّمُ فِي قَعْدَتِهِ. رَوَاهُ جَابِرُ بْنُ سَمُرَةَ. وَرَوَاهُ ابْنُ عُمَرَ فِي كِتَابِ الْبُخَارِيِّ. السَّادِسَةُ: وَالْخُطْبَةُ شَرْطٌ فِي انْعِقَادِ الْجُمْعَةِ لَا تَصِحُّ إِلَّا بِهَا، وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ. وقال الحسن: هي مستحبة. وكذا فال ابْنُ الْمَاجِشُونِ: إِنَّهَا سُنَّةٌ وَلَيْسَتْ بِفَرْضٍ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: هِيَ بِمَنْزِلَةِ الرَّكْعَتَيْنِ مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ، فَإِذَا تَرَكَهَا وَصَلَّى الْجُمُعَةَ فَقَدْ تَرَكَ الرَّكْعَتَيْنِ مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ. وَالدَّلِيلُ عَلَى وُجُوبِهَا قَوْلُهُ تَعَالَى: وَتَرَكُوكَ قائِماً. وَهَذَا ذَمٌّ، وَالْوَاجِبُ هُوَ الَّذِي يَذُمُّ تَارِكَهُ شَرْعًا، ثُمَّ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُصَلِّهَا إِلَّا بِخُطْبَةٍ. السَّابِعَةُ: وَيَخْطُبُ مُتَوَكِّئًا عَلَى قَوْسٍ أَوْ عَصًا. وَفِي سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَعْدِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ


(١). راجع ج ١٢ ص ٣٦. وص ٢٦٥
(٢). راجع ج ١٢ ص ٣٦. وص ٢٦٥