لِأَنَّهُ خِلَافَ السُّنَّةِ. وَإِلَيْهِ ذَهَبَتِ الشِّيعَةُ. وَفِي الصحيحين- واللفظ للدار قطني- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: طَلَّقْتُ امْرَأَتِي وَهِيَ حَائِضٌ فَذَكَرَ ذَلِكَ عُمَرُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَتَغَيَّظَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: (لِيُرَاجِعْهَا ثُمَّ لِيُمْسِكْهَا حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً مُسْتَقْبَلَةً سِوَى حَيْضَتِهَا الَّتِي طَلَّقَهَا فِيهَا فَإِنْ بَدَا لَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا فَلْيُطَلِّقْهَا طَاهِرًا مِنْ حَيْضَتِهَا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا فَذَلِكَ الطَّلَاقُ لِلْعِدَّةِ كَمَا أَمَرَ اللَّهُ (. وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ طَلَّقَهَا تَطْلِيقَةً، فَحُسِبَتْ مِنْ طَلَاقِهَا وَرَاجَعَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ كَمَا أَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فِي رِوَايَةٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (هِيَ وَاحِدَةٌ). وَهَذَا نَصٌّ. وَهُوَ يَرُدُّ عَلَى الشِّيعَةِ قَوْلَهُمْ. السَّابِعَةُ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: طَلَاقُ السُّنَّةِ أَنْ يُطَلِّقَهَا فِي كُلِّ طُهْرٍ تَطْلِيقَةً، فَإِذَا كَانَ آخِرُ ذَلِكَ فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا. رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ. قَالَ عُلَمَاؤُنَا: طَلَاقُ السُّنَّةِ مَا جَمَعَ شُرُوطًا سَبْعَةً: وَهُوَ أَنْ يُطَلِّقَهَا وَاحِدَةً، وَهِيَ مِمَّنْ تَحِيضُ، طَاهِرًا، لَمْ يَمَسَّهَا فِي ذَلِكَ الطُّهْرِ، وَلَا تَقَدَّمَهُ طَلَاقٌ فِي حَيْضٍ، وَلَا تَبِعَهُ طَلَاقٌ فِي طُهْرٍ يَتْلُوهُ، وَخَلَا عَنِ الْعِوَضِ. وَهَذِهِ الشُّرُوطُ السَّبْعَةُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ الْمُتَقَدِّمِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: طَلَاقُ السُّنَّةِ أَنْ يُطَلِّقَهَا فِي كُلِّ طُهْرٍ خَاصَّةً، وَلَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا فِي طُهْرٍ لَمْ يَكُنْ بِدْعَةً. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: طَلَاقُ السُّنَّةِ أَنْ يُطَلِّقَهَا فِي كُلِّ طُهْرٍ طَلْقَةً. وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: يَجُوزُ أَنْ يُطَلِّقَهَا فِي طُهْرٍ جَامَعَهَا فِيهِ. فَعُلَمَاؤُنَا قَالُوا: يُطَلِّقُهَا وَاحِدَةً فِي طُهْرٍ لَمْ يَمَسَّ فِيهِ، وَلَا تَبِعَهُ طَلَاقٌ فِي عِدَّةٍ، وَلَا يَكُونُ الطُّهْرُ تَالِيًا لِحَيْضٍ وَقَعَ فِيهِ الطَّلَاقُ، لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَرَّةً فَلْيُرَاجِعْهَا ثُمَّ لِيُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ ثُمَّ إِنْ شَاءَ أَمْسَكَ وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ. فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ يُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ (. وَتَعَلَّقَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ بِظَاهِرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَهَذَا عَامٌّ فِي كُلِّ طَلَاقٍ كَانَ وَاحِدَةً أَوِ اثْنَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ. وَإِنَّمَا رَاعَى اللَّهُ سُبْحَانَهُ الزَّمَانَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَلَمْ يَعْتَبِرِ الْعَدَدَ. وَكَذَلِكَ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَّمَهُ الْوَقْتَ لَا الْعَدَدَ. قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ:" وَهَذِهِ غَفْلَةٌ عَنِ الْحَدِيثِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute