للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بَيْنَ كُلِّ أَرْضٍ وَأَرْضٍ مَسَافَةٌ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالسَّمَاءِ، وَفِي كُلِّ أَرْضٍ سُكَّانٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ أَيْ سَبْعًا مِنَ الْأَرَضِينَ، وَلَكِنَّهَا مُطْبَقَةٌ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ مِنْ غَيْرِ فُتُوقٍ بِخِلَافِ السَّمَوَاتِ. وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، لِأَنَّ الْأَخْبَارَ دَالَّةٌ عَلَيْهِ فِي التِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيِّ وَغَيْرِهِمَا. وَقَدْ مَضَى ذَلِكَ مُبَيَّنًا فِي" الْبَقَرَةِ" «١». وَقَدْ خَرَّجَ أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ: حدثنا محمد ابن عَلِيِّ بْنِ حُبَيْشٍ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ السَّرَّاجُ، (ح) «٢» وَحَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدِ «٣» بْنُ حِبَّانَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نَاجِيَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ قال حدثنا حفص ابن مَيْسَرَةَ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي مَرْوَانَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ كَعْبًا حَلَفَ لَهُ بِالَّذِي فَلَقَ الْبَحْرَ لِمُوسَى أَنَّ صُهَيْبًا حَدَّثَهُ أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَرَ قَرْيَةً يُرِيدُ دُخُولَهَا إِلَّا قَالَ حِينَ يَرَاهَا: (اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ وَمَا أَظْلَلْنَ وَرَبَّ الْأَرَضِينَ السَّبْعِ وَمَا أَقْلَلْنَ وَرَبَّ الشَّيَاطِينِ وَمَا أَضْلَلْنَ وَرَبَّ الرِّيَاحِ وَمَا أَذْرَيْنَ إِنَّا نَسْأَلُكَ خَيْرَ هَذِهِ الْقَرْيَةِ وَخَيْرَ أَهْلِهَا وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا وَشَرِّ أَهْلِهَا وَشَرِّ مَا فِيهَا (. قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: هَذَا حديث ثابت من حديث موسى ابن عُقْبَةَ تَفَرَّدَ بِهِ عَنْ عَطَاءٍ. رَوَى عَنْهُ ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ وَغَيْرُهُ. وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عن سعيد ابن زَيْدٍ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (مَنْ أَخَذَ شِبْرًا مِنَ الْأَرْضِ ظُلْمًا فَإِنَّهُ يُطَوَّقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ) وَمِثْلُهُ حَدِيثُ عَائِشَةَ، وَأَبْيَنُ مِنْهُمَا حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَا يَأْخُذُ أَحَدٌ شِبْرًا مِنَ الْأَرْضِ بِغَيْرِ حَقِّهِ إِلَّا طَوَّقَهُ اللَّهُ إِلَى سَبْعِ أَرَضِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ). قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَعَلَى أَنَّهَا سَبْعُ أَرَضِينَ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ تَخْتَصُّ دَعْوَةُ أَهْلِ الْإِسْلَامِ بِأَهْلِ الْأَرْضِ الْعُلْيَا، وَلَا تَلْزَمُ مَنْ فِي «٤» غَيْرِهَا مِنَ الْأَرَضِينَ وَإِنْ كَانَ فِيهَا مَنْ يَعْقِلُ مِنْ خَلْقٍ مُمَيِّزٍ. وَفِي مُشَاهَدَتِهِمُ السَّمَاءَ وَاسْتِمْدَادِهِمُ الضَّوْءَ مِنْهَا قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا- أَنَّهُمْ يُشَاهِدُونَ السَّمَاءَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ مِنْ أَرْضِهِمْ وَيَسْتَمِدُّونَ الضِّيَاءَ مِنْهَا. وَهَذَا قَوْلُ مَنْ جَعَلَ الْأَرْضَ مَبْسُوطَةً. وَالْقَوْلُ الثَّانِي- أنهم لا يشاهدون السماء،


(١). راجع ج ١ ص (٢٥٨)
(٢). جرت عادة المحدثين أنه إذا كان للحديث إسنادان أو أكثر، كتبوا عند الانتقال من إسناد إلى إسناد" ح" وهى حاء مهملة مفردة، (راجع مقدمة النووي على صحيح مسلم).
(٣). في ح، س" وحدثنا محمد ... ".
(٤). في ا، ح، س، ط، هـ:" فيمن".