للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النُّجُومَ. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّهَا الْمَلَائِكَةُ، حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ. وَالْكُنَّسُ الْغُيَّبُ، مَأْخُوذَةٌ مِنَ الْكِنَاسِ، وَهُوَ كِنَاسُ الْوَحْشِ الَّذِي يَخْتَفِي فِيهِ. قَالَ أَوْسُ بْنُ حُجْرٍ:

أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مُزْنَهُ ... وغفر الظِّبَاءِ فِي الْكِنَاسِ تَقَمَّعُ «١»

وَقَالَ طَرَفَةُ:

كَأَنَّ كِنَاسَيْ ضَالَّةٍ يَكْنُفَانِهَا ... وَأَطْرَ قِسِيٍّ تَحْتَ صُلْبٍ مُؤَيَّدِ «٢»

وَقِيلَ: الْكُنُوسُ أَنْ تَأْوِيَ إِلَى مَكَانِسِهَا، وَهِيَ الْمَوَاضِعُ الَّتِي تَأْوِي إِلَيْهَا الْوُحُوشُ وَالظِّبَاءُ. قال الأعشى:

فَلَمَّا أَتَيْنَا الْحَيَّ أَتْلَعَ أنَسٌ ... كَمَا أَتْلَعَتْ تَحْتَ الْمَكَانِسِ رَبْرَبُ

يُقَالُ: تَلَعَ. النَّهَارُ ارْتَفَعَ وَأَتْلَعَتِ الظَّبْيَةُ مِنْ كِنَاسِهَا: أَيْ سَمَتْ بِجِيدِهَا. وَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:

تَعَشَّى «٣» قَلِيلًا ثُمَّ أَنْحَى ظلوفه ... يثير التُّرَابَ عَنْ مَبِيتٍ وَمَكْنَسِ

وَالْكُنَّسُ: جَمْعُ كَانِسٍ وَكَانِسَةٍ، وَكَذَا الْخُنَّسُ جَمْعُ خَانِسٍ وَخَانِسَةٍ. وَالْجَوَارِي: جَمْعُ جَارِيَةٍ مِنْ جَرَى يَجْرِي. (وَاللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ) قَالَ الْفَرَّاءُ: أَجْمَعَ الْمُفَسِّرُونَ عَلَى أَنَّ مَعْنَى عَسْعَسَ أَدْبَرَ، حَكَاهُ الْجَوْهَرِيُّ. وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: إِنَّهُ دَنَا مِنْ أَوَّلِهِ وَأَظْلَمَ وَكَذَلِكَ السَّحَابُ إِذَا دَنَا مِنَ الْأَرْضِ. الْمَهْدَوِيُّ: وَاللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ أَدْبَرَ بِظَلَامِهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٍ وَغَيْرِهِمَا. وَرُوِيَ عَنْهُمَا أَيْضًا وَعَنِ الْحَسَنِ وَغَيْرِهِ: أَقْبَلَ بِظَلَامِهِ. زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ: عَسْعَسَ ذَهَبَ. الْفَرَّاءُ: الْعَرَبُ تَقُولُ عَسْعَسَ وَسَعْسَعَ إِذَا لَمْ يَبْقَ مِنْهُ إِلَّا الْيَسِيرُ. الْخَلِيلُ وَغَيْرُهُ: عَسْعَسَ اللَّيْلُ إِذَا أَقْبَلَ أَوْ أَدْبَرَ. الْمُبَرِّدُ: هو من الأضداد، والمعنيان يرجعان إلى شي وَاحِدٍ، وَهُوَ ابْتِدَاءُ الظَّلَامِ فِي أَوَّلِهِ، وَإِدْبَارُهُ فِي آخِرِهِ، وَقَالَ عَلْقَمَةُ بْنُ قُرْطٍ:

حَتَّى إِذَا الصُّبْحُ لَهَا تَنَفَّسَا ... وَانْجَابَ عَنْهَا لَيْلُهَا وعسعسا


(١). تقمع: تحرك رءوسها من القمعة وهي ذباب أزرق يدخل في أنوف الدواب أو يقع عليها فيلسعها.
(٢). قال: (كناسى) لان الحيوان يستكن بالغداة في ظلها وبالعشي في فيئها. والضال: السدر البري الواحدة ضالة. والاطر: العطف. والمؤيد: المقوي. يقول الشاعر:
كأن كناسى ضالة يكنفان هذه ... الناقة لسعة ما بين مرفقيها وزورها.
(٣). تعشى: دخل في العشاء وهو أول الليل. ظلوفه: حوافره.