وَنِسَاءً، فَخَدُّوا لَهُمُ الْأَخَادِيدَ، ثُمَّ أَوْقَدُوا فِيهَا النَّارَ، ثُمَّ أُقِيمَ الْمُؤْمِنُونَ عَلَيْهَا. وَقِيلَ لَهُمْ: تَكْفُرُونَ أَوْ تُقْذَفُونَ فِي النَّارِ؟ وَيَزْعُمُونَ أَنَّهُ دانيال وأصحابه، وقاله عَطِيَّةُ الْعَوْفِيُّ. وَرُوِيَ نَحْوُ هَذَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِنَّ مَلِكًا سَكِرَ فَوَقَعَ عَلَى أُخْتِهِ، فَأَرَادَ أَنْ يَجْعَلَ ذَلِكَ شَرْعًا فِي رَعِيَّتِهِ فَلَمْ يَقْبَلُوا، فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ أَنْ يَخْطُبَ بِأَنَّ اللَّهَ- عَزَّ وَجَلَّ- أَحَلَّ نِكَاحَ الْأَخَوَاتِ، فَلَمْ يُسْمَعْ مِنْهُ. فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ أَنْ يَخُدَّ لَهُمُ الْأُخْدُودَ، وَيُلْقِيَ فِيهِ كُلَّ مَنْ عَصَاهُ. فَفَعَلَ. قَالَ: وَبَقَايَاهُمْ يَنْكِحُونَ الْأَخَوَاتِ وَهُمْ الْمَجُوسُ، وَكَانُوا أَهْلَ كِتَابٍ. وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ أَيْضًا أَنَّ أَصْحَابَ الْأُخْدُودِ كَانَ سَبَبُهُمْ أَنَّ نَبِيًّا بَعَثَهُ اللَّهُ تَعَالَى إِلَى الْحَبَشَةِ، فَاتَّبَعَهُ نَاسٌ، فَخَدَّ لَهُمْ قَوْمُهُمْ أخدودا، فمن اتبع النبي رمي فيها، فجئ بِامْرَأَةٍ لَهَا بُنَيٌّ رَضِيعٌ فَجَزِعَتْ، فَقَالَ لَهَا: يَا أُمَّاهُ، امْضِي وَلَا تَجْزَعِي. وَقَالَ أَيُّوبُ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ قَالَ: كَانُوا مِنْ قَوْمِكَ مِنْ السِّجِسْتَانِ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: هُمْ نَصَارَى نَجْرَانَ، أَخَذُوا بِهَا قَوْمًا مُؤْمِنِينَ، فَخَدُّوا لَهُمْ سَبْعَةَ أَخَادِيدَ، طُولُ كُلِّ أُخْدُودٍ أَرْبَعُونَ ذِرَاعًا، وَعَرْضُهُ اثْنَا عَشَرَ ذِرَاعًا. ثُمَّ طُرِحَ فِيهِ النِّفْطُ»
وَالْحَطَبُ، ثُمَّ عَرَضُوهُمْ عَلَيْهَا، فَمَنْ أَبَى قَذَفُوهُ فِيهَا. وَقِيلَ: قَوْمٌ مِنْ النَّصَارَى كَانُوا بِالْقُسْطَنْطِينِيَّةِ زَمَانَ قُسْطَنْطِينَ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ ثَلَاثَةٌ، وَاحِدٌ بِنَجْرَانَ، وَالْآخَرُ بِالشَّامِ، وَالْآخَرُ بِفَارِسَ. أَمَّا الَّذِي بِالشَّامِّ فَأَنْطَنْيَانُوسُ الرُّومِيُّ، وَأَمَّا الَّذِي بِفَارِسَ فَبُخْتُنَصَّرُ، وَالَّذِي بِأَرْضِ الْعَرَبِ يُوسُفُ بْنُ ذِي نُوَاسٍ. فَلَمْ يُنْزِلِ اللَّهُ فِي الَّذِي بِفَارِسَ وَالشَّامِ قُرْآنًا، وَأَنْزَلَ قُرْآنًا فِي الَّذِي كَانَ بِنَجْرَانَ. وَذَلِكَ أَنَّ رَجُلَيْنِ مُسْلِمَيْنِ كَانَ أَحَدُهُمَا بِتِهَامَةَ، وَالْآخَرُ بِنَجْرَانَ، أَجَّرَ أَحَدُهُمَا نَفْسَهُ، فَجَعَلَ يَعْمَلُ وَيَقْرَأُ الْإِنْجِيلَ، فَرَأَتِ ابْنَةُ الْمُسْتَأْجِرِ النُّورَ فِي قِرَاءَةِ الْإِنْجِيلِ، فَأَخْبَرَتْ أَبَاهَا فَأَسْلَمَ. وَبَلَغُوا سَبْعَةً وَثَمَانِينَ بَيْنَ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ، بَعْدَ مَا رُفِعَ عِيسَى، فَخَدَّ لَهُمْ يُوسُفُ بْنُ ذِي نُوَاسِ بْنِ تُبَّعٍ الْحِمْيَرِيُّ أُخْدُودًا، وَأَوْقَدَ فِيهِ النَّارَ، وَعَرَضَهُمْ عَلَى الْكُفْرِ، فَمَنْ أَبَى أَنْ يَكْفُرَ قَذَفَهُ فِي النَّارِ، وَقَالَ: مَنْ رَجَعَ عَنْ دِينِ عِيسَى لَمْ يُقْذَفْ. وَإِنَّ امْرَأَةً مَعَهَا وَلَدُهَا صَغِيرٌ لَمْ يَتَكَلَّمْ، فَرَجَعَتْ، فَقَالَ لَهَا ابْنُهَا: يَا أُمَّاهُ، إني أرى أمامك
(١). النفط (بالكسر وقد بفتح): زيت معدني سريع الاحتراق توقد به النار ويتداوى به.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute