للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَيْ كَفُورٌ. ثُمَّ قِيلَ: هُوَ الَّذِي يَكْفُرُ بِالْيَسِيرِ، وَلَا يَشْكُرُ الْكَثِيرَ. وَقِيلَ: الْجَاحِدُ لِلْحَقِّ. وَقِيلَ: إِنَّمَا سُمِّيَتْ كِنْدَةُ كِنْدَةَ، لِأَنَّهَا جَحَدَتْ أَبَاهَا. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ هَرْمَةَ الشَّاعِرُ:

دَعِ الْبُخَلَاءَ إِنْ شَمَخُوا وَصَدُّوا ... وَذِكْرَى بُخْلِ غَانِيَةٍ كَنُودِ

وَقِيلَ: الْكَنُودُ: مِنْ كَنَدَ إِذَا قَطَعَ، كَأَنَّهُ يَقْطَعُ مَا يَنْبَغِي أَنْ يُوَاصِلَهُ مِنَ الشُّكْرِ. وَيُقَالُ: كَنَدَ الْحَبْلَ: إِذَا قَطَعَهُ. قَالَ الْأَعْشَى:

أَمِيطِي «١» تُمِيطِي بِصُلْبِ الْفُؤَادِ ... وَصُولِ حِبَالٍ وَكَنَّادِهَا

فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى الْقَطْعِ. وَيُقَالُ: كَنَدَ يَكْنُدُ كُنُودًا: أَيْ كَفَرَ النِّعْمَةَ وَجَحَدَهَا، فَهُوَ كنود. وامرأة كنود أيضا، وكند مِثْلُهُ. قَالَ الْأَعْشَى:

أَحْدِثْ لَهَا تُحْدِثُ لِوَصْلِكَ إِنَّهَا ... كُنُدٌ لِوَصْلِ الزَّائِرِ الْمُعْتَادِ «٢»

أَيْ كَفُورٌ لِلْمُوَاصَلَةِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْإِنْسَانُ هُنَا الْكَافِرُ، يَقُولُ إِنَّهُ لَكَفُورٌ، وَمِنْهُ الْأَرْضُ الْكَنُودُ الَّتِي لَا تُنْبِتُ شَيْئًا. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: نَزَلَتْ فِي الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ. قَالَ الْمُبَرِّدُ: الْكَنُودُ: الْمَانِعُ لِمَا عَلَيْهِ. وَأَنْشَدَ لِكَثِيرٍ:»

أَحْدِثْ لَهَا تُحْدِثُ لِوَصْلِكَ إِنَّهَا ... كُنُدٌ لِوَصْلِ الزَّائِرِ الْمُعْتَادِ

وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْوَاسِطِيُّ: الْكَنُودُ: الَّذِي يُنْفِقُ نِعَمَ اللَّهِ فِي مَعَاصِي اللَّهِ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْوَرَّاقُ: الْكَنُودُ: الَّذِي يَرَى النِّعْمَةَ مِنْ نَفْسِهِ وَأَعْوَانِهِ. وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: الَّذِي يَرَى النِّعْمَةَ وَلَا يَرَى الْمُنْعِمَ. وَقَالَ ذُو النُّونِ الْمِصْرِيُّ: الْهَلُوعُ وَالْكَنُودُ: هُوَ الَّذِي إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعٌ وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعٌ. وَقِيلَ: هُوَ الْحَقُودُ الْحَسُودُ. وَقِيلَ: هُوَ الْجَهُولُ لِقَدْرِهِ. وَفِي الْحِكْمَةِ: من جهل قدرة: هتك ستره.


(١). ماط الأذى ميطا وأماطه: نجاه ودفنه. يقول إن تنحيت عنى باني صلب الفؤاد وصول لمن وصل، كفور لمن كفر. ورواية صدر البيت في اللسان. فميطى أي تنحى واذهبي.
(٢). المعتاد: الذي يعود مرة بعد أخرى.
(٣). تقدم أن هذا البيت للأعشى وهو في ديوان، ولم نجده في ديوان كثير الذي بين أيدينا.