للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ، مَا لَمْ يَحْمِلِ النَّاسَ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنْ حُمِلَ فَلَا تَجُوزُ مُخَالَفَتُهُ. وَقَالَ إِلْكِيَا الطَّبَرِيُّ: قَوْلُهُ (هَكَذَا أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ تَأَوَّلَ فِيهِ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ). وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ:" وَاخْتُلِفَ فِي تَأْوِيلِ [قَوْلِ «١» [ابْنِ عَبَّاسٍ [هَذَا «٢» [فَقِيلَ: رَدَّهُ لِأَنَّهُ خَبَرٌ وَاحِدٌ، وَقِيلَ: رَدَّهُ لِأَنَّ الْأَقْطَارَ مُخْتَلِفَةٌ فِي الْمَطَالِعِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، لِأَنَّ كُرَيْبًا لَمْ يَشْهَدْ وَإِنَّمَا أَخْبَرَ عَنْ حُكْمٍ ثَبَتَ بِالشَّهَادَةِ، وَلَا خِلَافَ فِي الْحُكْمِ الثَّابِتِ أَنَّهُ يَجْزِي فِيهِ خَبَرُ الْوَاحِدِ. وَنَظِيرُهُ مَا لَوْ ثَبَتَ أَنَّهُ أَهَلَّ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ بِأَغْمَاتٍ «٣» وَأَهَلَّ بِإِشْبِيلِيَةَ «٤» لَيْلَةَ السَّبْتَ فَيَكُونُ لِأَهْلِ كُلِّ بَلَدٍ رُؤْيَتَهُمْ، لِأَنَّ سُهَيْلًا «٥» يَكْشِفُ مِنْ أَغْمَاتٍ وَلَا يَكْشِفُ مِنْ إِشْبِيلِيَةَ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى اخْتِلَافِ الْمَطَالِعِ. قُلْتُ: وَأَمَّا مَذْهَبُ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ الْقَاسِمِ عَنْهُ فِي الْمَجْمُوعَةِ أَنَّ أَهْلَ الْبَصْرَةِ إِذَا رَأَوْا هِلَالَ رَمَضَانَ ثُمَّ بَلَغَ ذَلِكَ إِلَى أَهْلِ الْكُوفَةِ وَالْمَدِينَةِ وَالْيَمَنِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُمُ الصِّيَامُ أَوِ الْقَضَاءُ إِنْ فَاتَ الْأَدَاءُ. وَرَوَى الْقَاضِي أَبُو إِسْحَاقَ عَنِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّهُ إِنْ كَانَ ثَبَتَ بِالْبَصْرَةِ بِأَمْرٍ شَائِعٍ ذَائِعٍ يُسْتَغْنَى عَنِ الشَّهَادَةِ وَالتَّعْدِيلِ لَهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ غَيْرَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْبِلَادِ الْقَضَاءُ، وَإِنْ كَانَ إِنَّمَا ثَبَتَ عِنْدَ حَاكِمِهِمْ بِشَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ لَمْ يَلْزَمْ ذَلِكَ مِنَ الْبِلَادِ إِلَّا مَنْ كَانَ يَلْزَمُهُ حُكْمُ ذَلِكَ الْحَاكِمِ مِمَّنْ هُوَ فِي وِلَايَتِهِ، أَوْ يَكُونُ ثَبَتَ ذَلِكَ عِنْدَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فَيَلْزَمُ الْقَضَاءُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ. قَالَ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ. السَّابِعَةُ- قَرَأَ جُمْهُورُ النَّاسِ" شَهْرُ" بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ ابْتِدَاءٍ مُضْمَرٌ، أَيْ ذَلِكُمْ شَهْرُ، أَوِ الْمُفْتَرَضُ عَلَيْكُمْ صِيَامُهُ شَهْرُ رَمَضَانَ. أَوِ الصَّوْمُ أَوِ الْأَيَّامَ. وَقِيلَ: ارْتَفَعَ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ بِ" كُتِبَ" أَيْ كتب عليكم شهر رمضان. و" رَمَضانَ" لَا يَنْصَرِفُ لِأَنَّ النُّونَ فِيهِ زَائِدَةٌ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَرْفُوعًا عَلَى الِابْتِدَاءِ، وَخَبَرُهُ" الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ". وَقِيلَ: خَبَرُهُ" فَمَنْ شَهِدَ"، و" الَّذِي أُنْزِلَ" نَعْتٌ لَهُ. وَقِيلَ: ارْتَفَعَ عَلَى الْبَدَلِ مِنَ الصِّيَامِ. فَمَنْ قَالَ: إِنَّ الصِّيَامَ

فِي قَوْلِهِ" كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ" هِيَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وعاشوراء قال هنا


(١). الزيادة عن" أحكام القرآن" لابن العربي.
(٢). الزيادة عن" أحكام القرآن" لابن العربي.
(٣). أغمات: ناحية في بلاد البربر من أرض المغرب قرب مراكش.
(٤). أشبيلية: مدينة كبيرة عظيمة بالأندلس. [ ..... ]
(٥). سهيل: كوكب.