للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السَّابِعَةَ عَشْرَةَ- رَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ فَقَدِمَ أَعْرَابِيَّانِ فَشَهِدَا عند النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَأَهَلَّا «١» الْهِلَالُ أَمْسِ عَشِيَّةً، فَأَمَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [النَّاسَ «٢»] أَنْ يُفْطِرُوا وَأَنْ يَغْدُوَا إِلَى مُصَلَّاهُمْ. قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: هَذَا إِسْنَادٌ حَسَنٌ ثَابِتٌ. قَالَ أَبُو عُمَرَ: لَا خِلَافَ عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ أَنَّهُ لَا تُصَلَّى صَلَاةَ الْعِيدِ فِي غَيْرِ يَوْمِ الْعِيدِ وَلَا فِي يَوْمِ الْعِيدِ بَعْدَ الزَّوَالِ، وَحُكِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ. وَاخْتَلَفَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، فَمَرَّةً قَالَ بِقَوْلِ مَالِكٍ، وَاخْتَارَهُ الْمُزَنِيُّ وَقَالَ: إِذَا لَمْ يَجُزْ أَنْ تُصَلَّى فِي يَوْمِ الْعِيدِ بَعْدَ الزَّوَالِ فَالْيَوْمُ الثَّانِي أَبْعَدُ مِنْ وَقْتِهَا وَأَحْرَى أَلَّا تُصَلَّى فِيهِ. وَعَنِ الشَّافِعِيِّ رِوَايَةٌ أُخْرَى أَنَّهَا تُصَلَّى فِي الْيَوْمِ الثَّانِي ضُحًى. وَقَالَ الْبُوَيْطِيُّ: لَا تُصَلَّى إِلَّا أَنْ يَثْبُتَ فِي ذَلِكَ حَدِيثٌ. قَالَ أَبُو عُمَرَ: لَوْ قُضِيَتْ صَلَاةُ الْعِيدِ بَعْدَ خُرُوجِ وَقْتِهَا لَأَشْبَهَتِ الْفَرَائِضَ، وَقَدْ أَجْمَعُوا فِي سَائِرِ السُّنَنِ أَنَّهَا لَا تُقْضَى، فَهَذِهِ مِثْلُهَا. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: يَخْرُجُونَ مِنَ الْغَدِ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ فِي الْإِمْلَاءِ. وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحِ بْنِ حَيٍّ: لَا يَخْرُجُونَ فِي الْفِطْرِ وَيَخْرُجُونَ فِي الْأَضْحَى. قَالَ أَبُو يُوسُفَ: وَأَمَّا فِي الْأَضْحَى فَيُصَلِّيهَا بِهِمْ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ. قَالَ أَبُو عُمَرَ: لِأَنَّ الْأَضْحَى أَيَّامُ عِيدٍ وَهِيَ صَلَاةُ عِيدٍ، وَلَيْسَ الْفِطْرُ يَوْمَ عِيدٍ إِلَّا يَوْمٌ وَاحِدٌ، فَإِذَا لَمْ تُصَلَّ فِيهِ لَمْ تُقْضَ فِي غَيْرِهِ، لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِفَرِيضَةٍ فَتُقْضَى. وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ: يَخْرُجُونَ فِي الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى مِنَ الْغَدِ. قُلْتُ: وَالْقَوْلُ بِالْخُرُوجِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَصَحُّ، لِلسُّنَّةِ الثَّابِتَةِ فِي ذَلِكَ، وَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَسْتَثْنِيَ الشَّارِعُ مِنَ السُّنَنِ مَا شَاءَ فَيَأْمُرَ بِقَضَائِهِ بَعْدَ خُرُوجِ وَقْتِهِ. وَقَدْ رَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ لَمْ يُصَلِّ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ فَلْيُصَلِّهِمَا بَعْدَ مَا تَطْلُعُ الشَّمْسُ). صَحَّحَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَبِهِ يَقُولُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَابْنُ الْمُبَارَكِ. وَرُوِيَ عن عمر أنه فعله.


(١). أهل الرجل الهلال: رآه.
(٢). زيادة عن سنن الدارقطني.