للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابن السَّرِيِّ: هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْمَعْنَى، وَالتَّقْدِيرُ: فَعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ لِيُسَهِّلَ عَلَيْكُمْ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ، قَالَ: وَمِثْلُهُ مَا أَنْشَدَهُ سِيبَوَيْهِ:

بَادَتْ وَغَيَّرَ آيَهُنَّ مَعَ الْبِلَى ... إِلَّا رَوَاكِدَ جَمْرِهِنَّ هَبَاءٌ

وَمُشَجَّجٌ أَمَّا سَوَاءُ قَذَالِهِ ... فَبَدَا وَغَيَّبَ «١» سَارَهُ «٢» الْمَعْزَاءُ

شَادَهُ يَشِيدُهُ شَيْدًا جَصَّصَهُ، لِأَنَّ مَعْنَاهُ بَادَتْ إِلَّا رَوَاكِدَ بِهَا رَوَاكِدُ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: وَبِهَا مُشَجَّجٌ أَوْ ثَمَّ مُشَجَّجٌ. التَّاسِعَةَ عَشْرَةَ- قَوْلُهُ تَعَالَى:" وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ" عَطْفُ عَلَيْهِ، وَمَعْنَاهُ الْحَضُّ عَلَى التَّكْبِيرِ فِي آخِرِ رَمَضَانَ فِي قَوْلِ جُمْهُورِ أَهْلِ التَّأْوِيلِ. وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي حَدِّهِ، فقال الشافعي: روي عن سعيد بن الْمُسَيَّبِ وَعُرْوَةَ وَأَبِي سَلَمَةَ أَنَّهُمْ كَانُوا يُكَبِّرُونَ لَيْلَةَ الْفِطْرِ وَيَحْمَدُونَ، قَالَ: وَتُشْبِهُ لَيْلَةِ النَّحْرِ بِهَا. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: حَقٌّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ إِذَا رَأَوْا هِلَالَ شَوَّالٍ أَنْ يُكَبِّرُوا وَرُوِيَ عَنْهُ: يُكَبِّرُ الْمَرْءُ مِنْ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ إِلَى انْقِضَاءِ الْخُطْبَةِ، وَيُمْسِكُ وَقْتَ خُرُوجِ الْإِمَامِ وَيُكَبِّرُ بِتَكْبِيرِهِ. وَقَالَ قَوْمٌ: يُكَبِّرُ مِنْ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ إِلَى خُرُوجِ الْإِمَامِ لِلصَّلَاةِ. وَقَالَ سُفْيَانُ: هُوَ التَّكْبِيرُ يَوْمَ الْفِطْرِ. زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ: يُكَبِّرُونَ إِذَا خَرَجُوا إِلَى الْمُصَلَّى فَإِذَا انْقَضَتِ الصَّلَاةُ انْقَضَى الْعِيدُ. وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ، قَالَ مَالِكٌ: هُوَ مِنْ حِينِ يَخْرُجُ مِنْ دَارِهِ إِلَى أَنْ يَخْرُجَ الْإِمَامُ. وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ وَعَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ: أَنَّهُ إِنْ خَرَجَ قَبْلَ طُلُوعِ الشمس فلا يكبر في طريقه


(١). في نسخ الأصل وكتاب سيبويه وإعراب القرآن للنحاس:" غير" بالراء. والتصويب عن اللسان مادة" شجج".
(٢). كذا في كتاب سيبويه وإعراب القرآن للنحاس واللسان. وساره يريد" سائره" فخفف بحذف الهمزة، ومثله هار وأصله هائر، وشاك وأصله شائك. وفى الأصول" شاده" بالشين المعجمة والدال وهو تصحيف. وبهذا يعلم أن تفسير المؤلف وقع لكلمة مصحفة. والآي (جمع آية) وهى علامات الديار. والرواكد: الاثاق. والهباء هنا: الغبار. وأراد بالمشجج وتدا من أوتاد الخيام، وتشجيجه ضرب رأسه ليثبت. وسواء قذاله: وسطه. ويروى: سواد قذاله، وسواد كل شي شخصه. وأراد بالقذال أعلاه، وهو أيضا جماع مؤخر الرأس من الإنسان. والمعزاء: أرض صلبة ذات حصى. (راجع شرح الشواهد للشنتمري).