للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْقَارِئُ وَذَكَرَهُ فِي بَعْضِ الْحِزْبِ قَطَعَ وَتَعَوَّذَ، ثم ابتدأ من أوله. وبعضهم يقول: يستعسذ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى مَوْضِعِهِ الَّذِي وَقَفَ فِيهِ، وَبِالْأَوَّلِ قَالَ أَسَانِيدُ الْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ، وَبِالثَّانِي قَالَ أَسَانِيدُ الشَّامِ وَمِصْرَ. السَّادِسَةُ حَكَى الزَّهْرَاوِيُّ قَالَ: نَزَلَتِ الْآيَةُ فِي الصَّلَاةِ وَنُدِبْنَا إِلَى الِاسْتِعَاذَةِ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ وَلَيْسَ بِفَرْضٍ. قَالَ غَيْرُهُ: كَانَتْ فَرْضًا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحْدَهُ، ثُمَّ تَأَسَّيْنَا بِهِ. السَّابِعَةُ رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ الِاسْتِعَاذَةَ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ، وَقَالَهُ دَاوُدُ. قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ:" انْتَهَى الْعِيُّ بِقَوْمٍ إِلَى أَنْ قَالُوا: إِذَا فَرَغَ الْقَارِئُ مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ يَسْتَعِيذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ". وَقَدْ رَوَى أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَتَعَوَّذُ فِي صَلَاتِهِ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ، وَهَذَّا نص وفإن الْفَائِدَةُ فِي الِاسْتِعَاذَةِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ وَقْتَ القراءة؟ قلنا: فائدتها امتثال الأمر، ليس لِلشَّرْعِيَّاتِ فَائِدَةٌ إِلَّا الْقِيَامُ بِحَقِّ الْوَفَاءِ لَهَا فِي امْتِثَالِهَا أَمْرًا أَوِ اجْتِنَابَهَا نَهْيًا، وَقَدْ قِيلَ: فَائِدَتُهَا امْتِثَالُ الْأَمْرِ بِالِاسْتِعَاذَةِ مِنْ وَسْوَسَةِ الشَّيْطَانِ عِنْدَ الْقِرَاءَةِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:" وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ «١» ". قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ:" وَمِنْ أَغْرَبِ مَا وَجَدْنَاهُ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمَجْمُوعَةِ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ:" فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ «٢» " قَالَ: ذَلِكَ بَعْدَ قِرَاءَةِ أُمِّ الْقُرْآنِ لِمَنْ قَرَأَ فِي الصَّلَاةِ، وَهَذَا قَوْلٌ لَمْ يَرِدْ بِهِ أَثَرٌ، وَلَا يَعَضِّدْهُ نَظَرٌ، فَإِنْ كَانَ هَذَا كَمَا قَالَ بَعْضُ النَّاسِ: إِنَّ الِاسْتِعَاذَةَ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ كَانَ تَخْصِيصُ ذَلِكَ بِقِرَاءَةِ أُمِّ الْقُرْآنِ فِي الصَّلَاةِ دَعْوَى عَرِيضَةً، وَلَا تُشْبِهُ أَصْلَ مَالِكٍ وَلَا فَهْمَهُ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ بِسِرِّ هَذِهِ الرِّوَايَةِ". الثَّامِنَةُ فِي فَضْلِ التَّعَوُّذِ. رَوَى مسلم عن سليمان بن صرد قال: استتب رَجُلَانِ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فجعل أحدهما يغضب ويحمر وجهه وتنتفخ أوداجه، فَنَظَرَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ:" إِنِّي لَأَعْلَمُ كَلِمَةً لَوْ قَالَهَا لَذَهَبَ ذَا عَنْهُ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ". فقام إلى الرجل مِمَّنْ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: هَلْ تدري ما قال


(١). آية ٥٢ سورة الحج.
(٢). آية ٩٨ سورة النحل.