اعْتِقَادَنَا، ثُمَّ إِنَّهُمْ جَمَعُوا كُبَرَاءَهُمْ، وَمَضَوا إِلَى "القَلْعَةِ" إِلَى الوَالِي، وَقَالُوا: نَشْتَهِي أَنْ يَحْضُرَ الحَافِظَ عَبْدَ الغَنِيِّ، وَكَانَ مَشَايِخُنَا قَدْ سَمِعُوا بِذلِكَ، فَانْحَدَرُوا إِلَى "دِمَشْقَ" خَالِي الإمَامُ مُوَفَّقُ الدِّيْنِ، وَأَخِي الإمَامُ أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ البُخَارِيُّ (١) وَجَمَاعَةُ الفُقَهَاءِ، وَقَالُوا: نَحْنُ نُنَاظِرُهُمْ، وَقَالُوا لِلْحَافِظِ: اقْعُدْ أَنْتَ لَا تَجِيْءُ فَإِنَّكَ حَادٌّ، وَنَحْنُ نَكْفِيْكَ فَاتَّفَقَ أَنَّهُمْ أَرْسَلُوا إِلَى الحَافِظِ مِنَ القَلْعَةِ وَحْدَهُ فَأَخَذُوْهُ، وَلَمْ يُعْلَمْ أَصْحَابُنَا بِذلِكَ، فَنَاظَرُوهُ، وَكَانَ أَجْهَلُهُمْ يُغْرِي بِهِ فَاحْتَدَّ وَكَانُوا قَدْ كَتَبُوا شَيْئًا مِنْ اعْتِقَادَاتِهِمْ وَكَتَبُوا خُطُوطَهُمْ فِيْهِ، وَقَالُوا لَهُ: اكْتُبْ خَطُّكَ، فَلَمْ يَفْعَلْ، فَقَالُوا لِلْوَلي: الفُقَهَاءُ كُلُّهُمْ قَدْ اتَّفَقُوا عَلَى شَيءٍ وَهُوَ يُخَالِفُهُمْ، وَكَانَ الوَالِي لَا يَفْهَمُ شَيْئًا فَاسْتَأْذَنُوْهُ فِي رَفْعِ مِنْبَرِهِ فَأَرْسَلُوا الأسْرَى فَرَفَعُوا مَا فِي جَامِعِ "دِمَشْقَ" مِنْ مِنْبَرِ وَخِزَانَةٍ وَدَارَبْزِيْنَ، وَقَالُوا: نُرِيْدُ أَنْ لَا نَجْعَلَ فِي الجَامِعِ إِلَّا صَلَاةَ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ، وَكَسَرُوا مِنْبَرَ الحَافِظِ، وَمَنَعُوْهُ مِنَ الجُلُوسِ، وَمَنَعُوا أَصْحَابَنَا مِنَ الصَّلَاةِ فِي مَقَامِهِمْ فِي الجَامِعِ، فَفَاتَهُمْ صَلَاةُ الظُّهْرِ، ثُمَّ إِنَّ النَّاصِحَ ابْنِ الحَنْبَلِيِّ جَمَعَ السُّوْقَةَ وَغَيْرَهُمْ، وَقَالَ: إِنْ لَمْ يُخَلُّوْنَا نُصَلِّي بِاخْتِيَارِهِمْ صَلَّيْنَا بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِمْ، فَبَلَغَ ذلِكَ القَاضِي -وَهُوَ كَانَ صَاحِبَ الفِتْنَةِ- فَأَذِنَ لَهُمْ بِالصَّلَاةِ، وَخَافَ أَنْ يُصَلَّى بِغَيْرِ إِذْنِهِ، وَكَانَ الحَنَفِيَّةُ قَدْ حَمَوْا مَقْصُوْرَتَهُمْ بِالجُنْدِ.
(١) في (ط): "أبي" هُوَ أَخُو الحَافِظِ الضِّيَاءِ، وَاسْمُ أَخِيْهِ هَذَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ (ت: ٦٢٣ هـ) وَهُوَ وَالِدُ المُحَدِّثِ المَشْهُورِ فَخْرِ الدِّيْنِ عَلِى بنِ أَحْمَدَ بنِ البُخَارِيِّ (ت: ٦٩٠ هـ).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute