للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥٤ - وقال مجاهد «١» في قوله تعالى: وألزمهم كلمة التقوى [الفتح: ٢٦] قال: لا إله إلّا الله، فسمّى هذه الجملة كلمة، إذ كانت الكلمة منها، فكذا «٢» سمّى رسول الله صلى الله عليه وسلم القراءات أحرفا إذ كانت الأحرف المختلف «٣» فيها منها فخاطب صلى الله عليه وسلم من بالحضرة وسائر العرب في هذا الخبر من تسمية القراءة حرفا لما يستعملونه في لغتهم، وما جرت عليه عادتهم في منطقهم كما بيّنّاه، فدلّ «٤» على صحّة ما قلناه «٥».

[[حكمة إنزال القرآن على سبعة أحرف]]

٥٥ - وأمّا وجه إنزال القرآن على هذه السبعة أحرف وما الذي أراد تبارك اسمه بذلك، فإنه إنما أنزل علينا توسعة من الله تعالى على عباده، ورحمة لهم، وتخفيفا عنهم عند سؤال النبي صلى الله عليه وسلم إيّاه لهم، ومراجعته له فيه لعلمه صلى الله عليه وسلم بما هم عليه من اختلاف اللغات، واستصعاب مفارقة كل فريق منهم الطبع والعادة في الكلام إلى غيره، فخفّف «٦» تعالى عنهم وسهّل عليهم بأن أقرّهم على مألوف طبعهم وعادتهم في كلامهم.

٥٦ - والدليل على ذلك الخبر الذي قدّمناه عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبيّ بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم «أن الله تعالى أمره أن يقرأ القرآن على حرف، فقال: ربّ خفّف عن أمّتي، فأمره أن يقرأ القرآن على سبعة أحرف» «٧».


(١) تفسير الطبري ٢٦/ ٦٧.
(٢) في م: فلذا.
(٣) في ت، م: المختلفة. وهي خطأ لا يستقيم به السياق.
(٤) في م: ودل.
(٥) قال ابن الجزري بعد أن لخص كلام الداني السابق: وكلا الوجهين محتمل، إلا أن الأول محتمل احتمالا قويا في قوله صلى الله عليه وسلم (سبعة أحرف) أي سبعة أوجه وأنحاء.
والثاني محتمل احتمالا قويا في قول عمر رضي الله عنه سمعت هشاما يقرأ سورة الفرقان على حروف كثيرة لم يقرئنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، أي على قراءات كثيرة. النشر ١/ ٢٤. هذا وقد اختلف العلماء في المراد من الأحرف السبعة، اختلافا كثيرا. انظر تفصيل أقاويلهم في المرشد الوجيز لأبي شامة/ ٩١ وما بعدها، والإتقان للسيوطي ١/ ٤٥.
(٦) في ت، م: فيخفف. وهو غير مستقيم.
(٧) انظر الفقرة/ ٣٨، لكن المؤلف أورد الرواية مختصرة، ليس فيها سؤال التخفيف وستأتي الرواية مطولة في الفقرة/ ٥٨، وفيها سؤال التخفيف عن الأمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>