للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك على الإخفاء، وقد قال في باب الإدغام: كان أبو عمرو يدغم الحرفين المثلين «١» إذا تحرّكا، ويهمز المرفوع والمخفوض الأول منهما ضمّا وكسرا، قال: فيصير ذلك من فعله إخفاء، وأمّا ابن أشتة، فقال في (المحبر) «٢»: قرأ أبو جعفر لا تأمنّا [١١] بفتح النون على الإدغام الصريح «٣» والباقون بإشمامها الضمّ على الإخفاء. وقال الأصبهاني «٤» عن أصحابه عن ورش: تأمنّا بفتح التاء وترك الهمز وتشديد النون من غير مبالغة وإشمامها الضمّ، وذلك الإخفاء بعينه.

وقال داود وعبد الصمد عن ورش عن نافع وعن ابن كيسة عن سليم عن حمزة في الاختلاف والاتفاق بينهما تأمنا يشمّانها الرفع ويشمّانها النون، فتكون لا إلى هذه ولا إلى هذه. يعنيان أنهما يشيران إلى النون بالضم، فتكون لا مدغمة ولا مظهرة. وإذا كانت كذلك كانت مخفاة لا غير؛ لأن الإخفاء حال بين حالتين. وقال أبو يعقوب وأبو الأزهر وداود في مجردهم «٥» عن ورش عن نافع: تأمنا الرفع ضما «٦» بين الميم والنون الثانية، وهذا من قولهم يدلّ أيضا على الإخفاء دون الإدغام؛ لأنهم لو أرادوا الإدغام المحض لقالوا الرفع بين النونين أو بعد النون الثانية؛ إذ الإشمام الذي هو إشارة بالعضو كذلك يتحصل في ذلك، فلما قالوا بين الميم والنون الثانية وهي النون المرسومة التي هي والألف ضمير المفعولين علم أنهم أرادوا النون التي هي آخر الفعل المزال حركتها في الأصل للإدغام إذ هي التي بينهما. وإذا كان كذلك «٧»، فهي المشار إليها بالحركة، وإذا أشير فيها صحّ الإخفاء من طريق النص وبطل الإدغام وبالله التوفيق «٨».


(١) إدغام المثلين: هو إدغام الحرفين المحتدين اسما ومخرجا وصفة سواء التقيا في الخط واللفظ، في كلمة أو كلمتين، أو التقيا في الخط دون اللفظ، وينقسم إلى صغير وكبير ومطلق.
(٢) كتاب (المحبر) ورد ذكره في (غاية النهاية) ٢/ ١٨٤، قال عنه ابن الجزري: (وكتابه المحبر كتاب جليل يدل على عظم مقداره).
(٣) انظر: (النشر) ١/ ٣٠٣.
(٤) في (م) من غير أصحابه.
(٥) من مصادر الجامع وهي مفقودة.
(٦) في (ت) فيما، والتصويب من (م).
(٧) في (م) بزيادة ذلك.
(٨) قلت: الاختيار اليوم العمل بالوجهين للسبعة، وهما صحيحان مقروء بها. (البدور) / ١٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>