للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأمثاله، ويعملوا بمحكمه، ويؤمنوا بمتشابهه. ثم أكّد ذلك بأن أمرهم أن يقولوا: ءامنّا به كلّ من عند ربّنا [آل عمران: ٧] فدلّ ذلك كله على أن هذه الأحرف غير تلك الأحرف التي هي: اللغات والقراءات «١» وأنه صلى الله عليه وسلم أراد بذكر الأحرف في هذا الخبر التنبيه على فضل القرآن على سائر الكتب، وأن الله سبحانه قد جمع فيه من خلال الخير ما لم يجمعه فيها.

١٠٥ - فأما قوله في هذا الخبر: كان الكتاب الأول «٢» نزل من باب واحد ونزل القرآن من سبعة أبواب، فمعناه: أن الكتاب الأول نزل خاليا من الحدود والأحكام والحلال والحرام، كزبور داود الذي هو تذكير ومواعظ، وإنجيل عيسى الذي هو تمجيد ومحامد وحضّ على الصّفح والإعراض دون غير ذلك من الأحكام والشرائع.

وكذلك ما أشبه ذلك من الكتب المنزّلة ببعض المعاني السبعة التي يحوي جميعها كتابنا الذي خصّ الله تعالى [به] «٣» نبيّنا وأمّته، فلم يكن المتعبّدون بإقامته يجدون لرضى الله مطلبا ينالون [به] «٤» الجنة ويستوجبون [به] «٥» منه القربة إلا من الوجه الواحد الذي نزل به كتابهم وذلك هو [الباب] «٦» الواحد من أبواب الجنة الذي نزل منه ذلك الكتاب.

١٠٦ - والوجه الثاني: أن السبعة الأحرف في هذا الخبر هي السبعة الأحرف المذكورة في الأخبار المتقدمة التي هي اللغات والقراءات، ويكون قوله:- «زاجر وآمر وحلال وحرام ومحكم ومتشابه وأمثال» - تفسيرا للسبعة «٧» أبواب التي هي من الجنة لا تفسيرا للسبعة الأحرف؛ لأن العامل إذا عمل بها وانتهى إلى حدودها استوجب بذلك الجنة. وكلا «٨» الوجهين في تأويل الحديث بيّن ظاهر. وعلى الأول أكثر العلماء وبالله التوفيق.


(١) نقل أبو شامة في المرشد الوجيز/ ١٠٨ عن البيهقي من قوله في كتاب (المدخل) ما يؤيد هذا المعنى.
(٢) من هنا لى نهاية الفقرة أخذه المؤلف من مقدمة تفسير الطبري بنصه. انظر تفسير الطبري ١/ ٧١.
(٣) و (٤) و (٥) و (٦) زيادة من تفسير الطبري ١/ ٧١.
(٧) سقط من ت.
(٨) انظر تفسير الطبري ١/ ٤٧، والمرشد الوجيز/ ١٠٩، وقد ذكر أبو شامة وجها ثالثا نقله عن الأهوازي، وأبي العلاء الهمذاني، وهو أن قوله زاجر وآمر، الخ استئناف كلام آخر، أي هو كذلك، ولم يرد به تفسير الأحرف السبعة المرشد الوجيز/ ١٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>