للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٨١ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ زُرَارَةَ، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ رِبْعِيٍّ

عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "لَا يُؤْمِنُ عَبْدٌ حَتَّى يُؤْمِنَ

بِأَرْبَعٍ: بِاللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، وَالْبَعْثِ (١) بَعْدَ

الْمَوْتِ، وَالْقَدَرِ" (٢).


= قال الإمام الخطابي في "معالم السُّنن" ٤/ ٣٢٢: قد يحسب كثير من الناس أن معنى القدر من الله والقضاء منه معنى الإجبار والقهر للعبد على ما قضاه وقدره، ويتوهم أن فَلْجَ آدم في الحجة على موسى إنما كان من هذا الوجه، وليس الأمر في ذلك على ما يتوهمونه، وإنما معناه: الإخبارُ عن تقدُّم علم الله سبحانه بما يكون من أفعال العباد وأكسابهم، وصدورها عن تقديرٍ منه، وخلقِ لها خيرها وشرها.
والقدر: اسم لما صار مقدورًا عن فعل القادر، كما الهدمُ والقبضُ والنشر أسماء لما صدر عن فعل الهادم والقابض والناشر، يقال: قدَرْتُ الشى وقدرتُه خفيفة وثقيلة بمعنى واحد.
والقضاء في هذا معناه: الخلق، كقوله تعالى: {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ} [فصلت: ١٢]، أي: خلقهن.
وإذا كان الأمر كذلك فقد بقي عليهم من وراء علم الله فيهم أفعالهم وأكسابهم ومباشرتهم تلك الأمور، وملابستهم إياها عن قصد وتعمد وتقديم إرادة واختيار، فالحجة إنما تلزمهم بها، واللائمة تلحقهم عليه.
وقال ابن أبي العز في "شرح الطحاوية" ١/ ١٣٦: الصحيح أن آدم لم يحتج بالقضاء والقدر على الذنب، وهو كان أعلم بربه وذنبه، بل آحاد بنيه من المؤمنين لا يحتج بالقدر، فإنه باطل، وموسى عليه السلام كان أعلم بأبيه وبذنبه من أن يلوم آدم عليه السلام على ذنب قد تاب منه، وتاب الله عليه، واجتباه وهداه، وإنما وقع اللوم على المصيبة التي أخرجت أولاده من الجنة، فاحتج آدم عليه السلام بالقدر على المصيبة لا على الخطيئة، فإن القدر يُحتج به عند المصائب، لا عند المعايب.
(١) المثبت من (س)، وفي (ذ) و (م) والنسخ المطبوعة: وبالبعث. بالباء.
(٢) رجاله ثقات رجال الصحيح، غير شريك -وهو وإن كان سيئ الحفظ- قد =

<<  <  ج: ص:  >  >>