وهو في "مسند أحمد" (١٩٤١). وأخرج قول ابن عباس في الآية أنها غير منسوخة دون المرفوع البخاري (٤٥٩٠)، ومسلم (٣٠٢٣)، وأبو داود (٤٢٧٥)، والنسائي ٧/ ٨٥ و ٨٦ و ٨/ ٦٢ من طريق سعيد بن جبير، عن ابن عباس. قوله: "لقد أنزلها الله" يعني قوله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} [النساء: ٩٣]. وقوله: "وأنى له الهدى" وفي رواية عمرو بن دينار عن ابن عباس: "وأنى له التوبة"، قال الإمام النووي في "شرح مسلم" ١٨/ ١٥٩: هذا هو المشهور عن ابن عباس رضي الله عنهما، وروي عنه أن له توبة، وجواز المغفرة له، لقوله تعالى: {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: ١١٠]، وهذه الرواية الثانية هي مذهبُ جميع أهل السنة والصحابة والتابعين ومن بعدهم. وقال الحافظ في "الفتح" ٨/ ٤٩٦: وقد حمل جمهورُ السلف، وجميع أهل السنة ما ورد في ذلك على التغليظ، وصححوا توبة القاتل كغيره، وقالوا معنى قوله: {فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} أي: إن شاء الله أن يجازيه تمسكا بقوله تعالى في سورة النساء أيضًا: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: ٤٨] ومن الحجة في ذلك حديث الذي قتل تسعة وتسعين نفسا، ثم أتى تمام المئة، الذي يأتي بعد هذا عند المصنف. وقال السندي في حاشيته على "سنن النسائي" ٧/ ٨٥: لكن الناس يرون قوله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا} مقيدًا بالموت بلا توبة، ويقولون بعد ذلك بأن المراد بالخلود طولُ المكث، وبأن هذا بيان ما يستحقه بعمله، كما يشير إليه قوله: {فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} ثم أمره إليه تعالى إن شاء عذبه وإن شاء عفا عنه، وبأن هذا في المُستحِل، ولهم في ذلك متمسَّكات من الكتاب والسنة. والله تعالى أعلم.