للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: "إِذَا الْمُسْلِمَانِ حَمَلَ أَحَدُهُمَا عَلَى أَخِيهِ السِّلَاحَ، فَهُمَا عَلَى جُرُفِ جَهَنَّمَ، فَإِذَا قَتَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ، دَخَلَا جَمِيعًا" (١).


(١) إسناده صحيح. منصور: هو ابن المعتمر.
وأخرجه مسلم (٢٨٨٨) (١٦)، والنسائي ٧/ ١٢٤ من طريق منصور، به.
وأخرجه البخاري (٣١)، ومسلم (٢٨٨٨)، وأبو داود (٤٢٦٨)، والنسائي ٧/ ١٢٥ من طريق الحسن البصري، عن الأحنف بن قيس، عن أبي بكرة، ولفظه: "إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار. قلت: يا رسول الله، هذا القاتل، فما بال المقتول؟ قال: "إنه كان حريصًا على قتل صاحبه".
وهو في "مسند أحمد" (٢٠٤٢٤)، و"صحيح ابن حبان" (٥٩٤٥).
قال الخطابي رحمه الله: هذا الوعيد لمن قاتل على عداوة دنيوية أو طلب ملكٍ مثلًا، فأما من قاتل أهل البغي أو دفع الصائل فقُتِلَ فلا يدخل في هذا الوعيد، لأنه ماذون له في القتال شرعًا.
قال الحافظ في "الفتح" ١٣/ ٣٤: وقد أخرج البزار في حديث القاتل والمقتول في النار زيادة تبين المراد، وهي: "إذا اقتتلتم على الدنيا فالقاتل والمقتول في النار". ويؤيده ما أخرجه مسلم (٢٩٠٨) (٥٦): "لا تذهب الدنيا حتى يأتي على الناس زمان، لا يدري القاتل فيمَ قَتَلَ، ولا المقتول فيمَ قُتِلَ" فقيل: كيف يكون ذلك؟ قال: "الهرج، القاتل والمقتول في النار" قال القرطبي: فبين هذا الحديث أن القتال إذا كان على جهل من طلب الدنيا أو اتباع هوى فهو الذي أُريد بقوله: "القاتل والمقتول في النار".
وقوله: "كان حريصًا على قتل صاحبه" قال المناوي: معناه جازمًا بذلك مصممًا عليه حال المقاتلة، فلم يقدر على تنفيذه كما قدر صاحبه القاتل، فكان كالقاتل، لأنه في الباطن قاتل، فكل منهما ظالم معتد، ولا يلزم من كونهما في النار كونهما في رتبة واحدة، فالقاتل يُعذَّب على القتال والقتل، والمقتول يُعذب على القتال فقط. وأفاد قوله: "حريصًا" أن العازم على المعصية يأثم، وأن قَصْدَ كل منهما كان قتل الآخر لا الدفع عن نفسه، حتى لو كان قصد أحدهما الدفع، ولم يجد منه بُدَّاً إلا بقتله فقتله لم يؤاخذ به، لكونه مأذونًا فيه شرعًا.
وانظر "فيض الباري" للشيخ أنور الكشميري ١/ ١٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>