وأخرجه مسلم (١٠٥٢) من طريقين عن الليث بن سعد، بهذا الإسناد. وهو في "صحيح ابن حبان" (٣٢٢٦). وأخرجه البخاري (٦٤٢٧) من طريق عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري. قوله: يقتل حبطًا. قال الأصمعي: الحبط: هو أن تأكل الدابة فتكثر حتى تنتفخ بطنها وتمرض، يقال: حَبَطَت تَحْبَط حبطًا، قال أبو عُبيد: قوله: أو تُلِمُ: يعني يقرب من ذلك. قال الأزهري: فيه مثلان ضرب أحدهما للمفرط في جمع الدنيا ومنعها من حقها، وضرب الآخر للمقتصد في أخذها والانتفاع بها. فأما قوله: "وإن مما ينبت الربيع ما يقتل حبطًا" فهو مثل للمفرط الذي يأخذها بغير حق، وذلك أن الربيع ينبت أحرار العشب، فتستكثر منها الماشية حتى تنتفخ بطونها لما قد جاوزت حق الاحتمال، فتنشق أمعاؤها فتهلِك، كذلك الذي يجمع الدنيا من غير حِلِّها، ويمنع ذا الحق حقه يَهلِكُ في الآخرة بدخول النار. وأما مَثَلُ المقتصد، فقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إلا آكلة الخضر" وذلك أن الخضر ليست من أحرار البقول التي ينبتها الربيع، فتستكثر منها الماشية، ولكنها من كلأ الصيف التي ترعاها المواشي بعد هيج البقول شيئًا فشيئًا من غير استكثار، فضرب مثلًا لمن يقتصد في أخذ الدنيا، ولا يحمله الحرص على أخذها بغير حقها، فهو ينجو من وبالها. وقوله: "استقبلت الشمس ... " أراد أنها إذا شبعت بركت مستقبلة الشمس تجتر وتستمرئ بذلك ما أكلت، فإذا ثلطت زال عنها الحَبَطُ وإنما تحبط الماشية إذا كانت لا تثلط ولا تبول. قال الخطابي: وجعل ما يكون من ثلطِها وبولها مثلًا لإخراج ما يكسبه من المال في الحقوق.