للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا وجه إليه؛ لأنّه ذكر الكلام بكلمة إن، وإنّها لا توجب التكرار، وزعم بعض مشايخنا أنّ المذكور في «الجامع» يخالف المذكور في «القدوري» .

فقد ذكر في «القدوري» أنّ من قال: كلّ امرأة أتزوّجها فهي طالق إن دخلتِ الدّار، فدخلت الدّار ثمَّ تزوّج امرأة لا يقع الطلاق عليهما، فإن دخل الدّار ثانياً وقع عليها الطلاق. قال الصدر الشهيد: قال والدي تاج الدين تغمّده الله بالرحمة والرضوان. وليس الأمر كما زعموا؛ لأنّ موضع المذكور في «القدوري» أنّه دخل الدّار بالتزوّج أصلاً، والدخول قبل التزوّج لم تنعقد اليمين عليه، ولم يصر شرطاً في اليمين أصلاً، فصار أن يقع الطلاق بدخول آخر يوجد بعد التزوّج، أو الدخول حينئذٍ لا يصير شرطاً متكرّراً، وموضوع المذكور في «الجامع» أنّه يتزوّج امرأة قبل الكلام وامرأة بعد الكلام، ثمَّ كلّم فلاناً مرّة أخرى والكلام الأوّل انعقد عليه اليمين، واعتبر شرطاً في حقّ اليمين المتزوّجة قبل الكلام، حتّى يقع الطلاق على المتزوّجة قبل الكلام بالكلام الأوّل بحكم اليمين، وإذا صار الكلام الأوّل شرطاً بحكم هذا اليمين لا يصير الثاني شرطاً؛ لأنّ الكلام بحكم هذا اليمين غير مكرّر حتّى إن في مسألة الجامع لو لم يصر الكلام الأوّل شرطاً فإن لم يتزوّج امرأة أصلاً حتّى كلّم فلاناً ثمَّ تزوّج امرأة يقع الطلاق عليها إذا كلّم فلاناً.

وفي «مسألة القدوري» : لو صار الدخول الأوّل شرطاً بأن تزوّج امرأة، ثمَّ دخل الدار، ثمَّ تزوّج امرأة لا تطلق المتزوّجة بعد الدخول، وإن دخل الدّار بعد ذلك مرّة أخرى، فإذاً لا مخالفة بينما ذكر في «الجامع» وبينما ذكر «القدوري» من حيث المعنى، وإنّما المخالفة من حيث الصورة لاختلاف الوضع، ولو قال: إن كلمت فلاناً فكلُّ امرأة أتزوّجها فهي طالق، ففي هذه الصورة تطلق المتزوّجة بعد الكلام، ولا تطلق المتزوّجة قبل الكلام.

هذا كلّه إذا ذكر الحالف شرطين وذكر بينهما جزاء، وأمّا ذكر شرطين ولم يذكر بينها جزاءه وإنّما ذكر الجزاء عقيبها، فإن ذَكَرَ بين الشرطين حرفَ العطف يتعلّق الجزاء بهما، ويصيران في معنى شرط واحد.

بيانه: فيما إذا قال لها: إن دخلت هذه الدّار وهذه الدّار فأنتِ طالق فإنّها لا تطلق ما لم تدخل الدّارين، وإن لم يذكر بينهما حرف العطف يجعل الشرط الأوّل شرط الجزاء، وانحلّ اليمين، ويجعل الشرط الثاني شرط انعقاد اليمين.

بيانة: في قوله: كلّ امرأة أتزوّجها إن دخلت الدّار فهي طالق، فتزوّج امرأة قبل الدخول وامرأة بعد الدخول تطلق المتزوّجة بعد الدخول، ولا تطلق المتزوّجة قبل الدخول، ويصير تقدير المسألة: إن دخلت الدّار فكلّ امرأة أتزوّجها فهي طالق، وهو معنى قول محمّد رحمه الله في الكتب: الشرط إذا اعترض على الشرط قبل مجازاة الأوّل بشيء يجعل المقدم هو جزاء، والمؤخّر مقدّماً. وإن ذكر شرطين وقدّم الجزاء عليهما إن جمع بينهما بحرف الجمع يتعلّق الجزاء بهما أيضاً.

بيانه: فيما إذا قال لها: أنتِ طالق إن دخلت هذه الدّار وهذه الدّار، فإنّها لا تطلق

<<  <  ج: ص:  >  >>