ما لم تدخل الدارين، وإن لم يجمع بينهما بحرف الجمع يجعل الشرط الثاني شرط انعقاد اليمين.
بيانه: فيما إذا قال لأجنبيّة: أنتِ طالق إن تزوجتك إن كلمت فلاناً، ثمَّ تزوجها تطلق، ولو تزوّجها أوّلاً ثمَّ كلّم فلاناً لا تطلق. هذا إذا لم يذكر كلّ شرط بصريح حرف الشرط، فإن ذكر الجزاء بينهما يقدر كلّ شرط في موضعه، ويعتبر الأوّل شرطاً لانعقاد اليمين، ويعتبر الشرط الثاني شرطاً لانحلال اليمين ويزول الجزاء.
بيانه: فيما إذا قال لها: إن دخلت هذه الدّار فأنتِ طالق إن كلّمت فلاناً، فدخلت الدّار ثمَّ كلمت فلاناً تطلق، ولو كلمت فلاناً أوّلاً ثمَّ دخلت الدّار لم تطلق، وإن ذكر الجزاء أوّلاً فإنْ جمع بين الشرطين بحرف الجمع فإنّه يعتبر كلُّ شرط شرطاً ليزول الجزاء أوْ لا يشترط اجتماعهما، وإذا وجد إحداهما ويزول الجزاء فيبطل اليمين. بيانه: فيما ذكر «القدوري» : إذا قال لها: أنتِ طالق إن دخلت هذه الدّار وإن دخلت هذه الدّار الأخرى. فدخلت إحدى الدّارين طلقت وبطلت اليمين؛ لأنّه لمّا أعاد حرف الشرط لم يكن عطفاً على الأوّل في الشرطية، بل كان شرطاً على حدة وصار جزاء الأوّل مضمراً فيه. كأنّه قال: أنتِ طالق إن دخلت هذه الدّار أنتِ طالق إن دخلت هذه الدّار الأخرى تلك التطليقة، وهناك يقع الطلاق بدخول إحدى الدّارين وتبطل اليمين؛ لأنّ جزاء الثاني لم يبق كذا ها هنا.
وكذلك الجواب فيما إذا قال لها: أنتِ طالق إن دخلت هذه الدّار وإن كلمت فلاناً، أمّا إذا لم يجمع بينهما بحرف الجمع يجعل الشرط الآخر مقدّماً على الجزاء، حتّى يصير الجزاء بين الشرطين، ويصير الشرط الآخر شرطاً لانعقاد اليمين، ويصير الأوّل شرطاً لانحلال اليمين. بيانه فيما ذكر في «الجامع» إذا قال: عبدي حرّ إن دخلت هذه الدّار إن كلّمت فلاناً، فدخل الدّار أوّلاً ثمَّ كلّم فلاناً لا يعتق عبده، ولو كلّم فلاناً أوّلاً ثمَّ دخل الدّار عتق؛ لأنّ الشرط الثاني وهو الكلام صار مقدّماً على الجزاء، وصار تقدير المسألة: إن كلّمت فلاناً فعبدي حرّ إن دخلت الدّار، وهناك كان الجواب كما قلنا، وها هنا كذلك.
وإن ذكر الجزاء آخراً إن جمع بين الشرطين بحرف الجمع ففي قول محمّد رحمه الله يعتبر كلامهما شرطاً واحداً ويشترط وجودهما لزوال الجزاء، وفي قول أبي يوسف يعتبر كلُّ شرط شرطاً ليزول الجزاء ولا يشترط وجودهما ليزول الجزاء.
بيانه فيما ذكر «القدوري» : إذا قال لها: إن دخلت هذه الدّار وإن دخلت هذه الدّار الأخرى فأنتِ طالق، فعلى قول محمّد رحمه الله لا تطلق إلا بدخول (٢٧٢أ١) الدارين، وعلى قول أبي يوسف رحمه الله: تطلق بدخول إحدى الدارين، أبو يوسف يقول: لا فرق في الأيمان بين تقديم الجزاء أو تأخيره، ومحمّد فرّق بينهما، وإن لم يجمع بين الشرطين بحرف الجمع يجعل الشرط الأوّل مؤخّراً عن الجزاء، حتّى يصير الجزاء بين الشرطين، ويصير الشرط الأوّل شرط انحلال اليمين والشرط الآخر شرط انعقاد اليمين.