أخرى، وللاستقبال صفة أخرى وهي سأفعل، سوف أفعل، فإذا كانت هذه الصفة للحال أحقّ فعند الإطلاق ينصرف إليه، فكأنّه مضى على الحال. وبعضهم قالوا: لمّا كانت هذه الصفة حقيقة لهما يتعيّن لإحداهما بحكم العرف، وعليه الاستعمال كما تعيّن للاستقبال، كما في قوله: أسافر وكما تعيّن للحال كما في قول الشاهد: أشهد. قلنا وفي الأملاك استعمال هذه الكلمة للحال بقول الرّجل: أنا أملك كذا، وفلان يملك كذا يريدون الحال.
فإذا علمت استعمال هذه الكلمة للحال كالمنصوص عليه فانصرف يمينه إلى الحال لهذا، ولو عطف أحد الشرطين على الآخر بحرف الياء بأن قال: إن دخلت هذه الدّار فهذه الدّار، يُشترط لوقوع الطلاق دخول الدّارين كما لو عطف بحرف الواو، إلا أنَّ في هذه المسألة يجب أن يكون دخول الدّار الثانية بعد دخول الدّار الأولى، وكذلك إذا عطف بكلمة ثمَّ بأن قال: إن دخلت هذه الدّار ثمَّ هذه الدّار؛ لأنّ كلمة ثمَّ للتراخي، فاقتضى أن يكون دخول الدّار الثانية متراخياً عن دخول الدّار الأولى.
ولو قال: إن دخلت هذه الدّار ودخلت هذه الدّار أو قال: فدخلت هذه الدّار يشترط دخول الدارين في الحرفين جميعاً، إلا أنَّ في حرف الواو لا يعتبر الترتيب، وفي حرف الفاء يعتبر لما مرّ. وروي عن محمّد رحمه الله إذا قال لها: إن دخلت هذه الدّار فدخلت هذه الدّار، فأتى بها فدخلت الدّار الأولى ثمَّ تزوّجها فدخلت الثانية لم تطلق، كأنّه جعل دخول الدّار الأولى شرط انعقاد اليمين الثانية، بخلاف قوله: إن دخلت هذه الدّار وهذه الدّار، وروي عن أبي يوسف رحمه الله مثل ذلك في مسألة أخرى أنّه إذا قال لامرأتين له: إن غشيت هذه، فغشيت هذه الأخرى فليس الحلف على الأولى، ويكون مولياً من الثانية إذا غشى الأولى فقد جعل غشيان الأولى شرط انعقاد اليمين في حقّ الثانية، ثمَّ قال: والفاء في هذه الموضع لا تشبه الواو.
قال في «الجامع» : إذا قال: إن دخلت هذه الدّار إن دخلت هذه الدّار فعبدي حرّ والدّار واحدة فالقياس أن لا يحنث حتّى يدخل دخلتين.
وفي الاستحسان يحنث بدخلة واحدة، وكذلك إذا قال: إن كلّمت فلاناً إن كلمت فلاناً، وفلان واحد، كانت المسألة على القياس، والاستحسان على نحو ما ذكرنا في الدخول، ثمَّ على جواب الاستحسان علّق العتق بالدخول في المسألة الأولى، وبالكلام في المسألة الثانية من غير ذكر خلاف، وكان الكرخي من أصحابنا رحمهم الله يقول على قياس قول أبي حنيفة رحمه الله: ينبغي أن يثبت العتق في الحال ولا يتعلّق، وجعل هذه المسألة فرعاً لمسألة أخرى ذكرت في كتاب الإقرار، وهو ما إذا قال لعبده: أنت حرٌّ و (٢٧٢ب١) حرٌّ إن شاء الله فعلى قول أبي حنيفة رحمه الله لا يعمل الاستثناء، ويقع العتق للحال؛ لأنّ قوله وحرٌّ في المرة الثانية تكرار، فصار فاصلاً بين الجزاء والاستثناء، فيمنع تحمّل الاستثناء، فكذا ها هنا.
قوله في المرّة الثانية: إن دخلت هذه الدّار تكرار للأوّل، فيصير فاصلاً بين العتق