للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن تمكن زوجها (من نفسها) ؛ وهذا لأن المشهود قبل القضاء ثابت من وجه دون وجه، فمن حيث إنه ثابت لا تقيم مع الزوج، ومن حيث إنه ليس بثابت لا يسعها التزوج بزوج آخر، أكثر ما فيه أنها تبقى معلقة مظلومة، ولكن يمكنها دفع الظلم عن نفسها إذا كان الزوج حاضراً بأن تأمر الشاهدين حتى يشهدا عند القاضي، فيقضي القاضي بالفرقة بينهما؛ بخلاف ما إذا كان الزوج غائباً؛ لأن هناك لا يمكنها دفع الظلم عن نفسها بالمرافعة إلى القاضي، فتعين القول بحل تزوج آخر.

وكذلك إن سمعته أنه طلقها، وجحد الزوج ذلك وحلف، فردها القاضي لم يسعها المقام معه، وينبغي لها أن تفتدي بمالها أو تهرب منه، وإن لم تقدر على ذلك قتلته، وقد ذكرنا هذا الفصل، وما فيه من اختلاف المشايخ في آخر كتاب النكاح.

قال في كتاب «الاستحسان» : وإذا هربت منه لم يسعها أن تعتد، وتتزوج بزوج آخر؛ قال شمس الأئمة السرخسي: ما ذكر أنها إذا هربت ليس لها أن تعتد، وتتزوج بزوج آخر جواب القضاء، أما فيما بينها وبين ربها فلها أن تتزوج بعدما اعتدت، ثم إذا أخبرها عدل مسلم أنه مات زوجها إنما تعتمد على خبره إذا قال: عاينه ميتاً، وقال: شهدت جنازته، أما إذا قال: أخبرني مخبر؛ لا يعتمد على خبره.

وإن أخبر واحد بموته، ورجلان آخران أخبرا بحياته، فإن كان الذي أخبرها بموته قال: عاينته ميتاً، أو شهدت جنازته حل لها أن تتزوج، وإن كان اللذان أخبراها بحياته........ لاحقاً فقولهما أولى.

في «فتاوى الفضلي» : ولو شهد اثنان بموته أو قتله، وشهد آخران أنه حي، فشهادة الموت أولى، وجنس هذا في آخر باب الشهادة من «وصايا عصام» .

ولو أن امرأة قالت لرجل: إن زوجي طلقني ثلاثاً، وانقضت عدتي، فإن كانت عدلة وسعه أن يتزوجها، وإن كانت فاسقة تحرى، وعمل ما وقع تحريه عليه. ولو أخبرت أن أصل نكاحها كان فاسداً، أو أن زوجها أخوها من الرضاعة، فإنه لا يسعه أن يتزوجها، وإن كانت عدلة.

قال محمد رحمه الله: وإنما هذه بمنزلة رجل في يديه جارية يدعي رقبتها، وهي تقر له بالملك، فوجدها في يدي رجلٍ، رجلٌ قد علم بحالها، فأراد شراءها، فسأله عنها، فقال: الجارية جاريتي، وقد كان الذي كانت في يديه كاذباً فيما ادعى من ملكها؛ لا ينبغي لهذا الرجل أن يشتريها منه وإن كان عدلاً؛ لأن هذا الرجل عرف للمخبر منازعاً فيما أخبر؛ لأنه سمع من الذي كانت في يديه أنه كان يدعيها لنفسه، فيكون منكراً الملك للثاني، فقد ثبت له المنازع فيما أخبر عند المريد للشراء، فلا ينبغي له أن يشتريها، ولو قال: كنت اشتريتها منه، وسعه أن يشتريها منه؛ لأن دعواه ملك الجارية لا يكون إنكاراً لما يقطع ملكه في المستقبل، فلم يثبت له المنازع فيما أخبر.

<<  <  ج: ص:  >  >>