ويستوي في ذلك الخصي والفحل؛ قالت عائشة رضي الله عنها: الخصي مثله، فلا يبيح ما كان حراماً قبله، ولأن معنى الفتنة لا تنعدم بالخصي، فالخصي قد يجامع، وقيل: هو أشد الناس جماعاً، وكذلك المجبوب الذي لم يجف ماؤه؛ لأنه ينزل بالسحق فلا ينعدم معنى الفتنة، وإن كان مجبوباً قد جف ماؤه، فقد رخص بعض مشايخنا في حقه بالاختلاط بالنساء؛ لوقوع الأمن من الفتنة، والأصح أنه لا يحل ذلك، ومن رخص فيه تأول قول الله تعالى:{أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال}(النور:٣١) الآية وبين أهل التفسير كلاماً في معنى هذا، فقيل: هو المجبوب الذي جف ماؤه، وقيل: هو المخنث الذي لا يشتهي النساء، والكلام في المخنث عندنا أنه إن كان مخنثاً في الرديء من الأفعال، فهو كغيره من الرجال، هو من.... وينحى عن النساء، فأما إذا كان في أعضائه لين، أو في لسانه تكسر بأصل الخلقة، ولا يشتهي النساء، ولا يكون مخنثاً في الرديء من الأفعال، فقد رخص بعض مشايخنا في ترك مثله مع النساء لما روي أن مخنثاً كان يدخل بعض بيوت رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع منه رسول الله عليه السلام كلمة فاحشة، فإنه قال: لعمر بن أبي سلمة: إن فتح الله تعالى على رسوله الطائف لأدلنك على بنت غيلان فإنها تقبل بأربع، وتدبر بثمان فقال:«ما كنت أعلم أنه يعرف مثل هذا، أخرجوه» ، وقيل: المراد بقوله: {أو التابعين غير أولي الإربة} الذي لا يدري ما يصنع بالنساء، إنما همته بطنه، وفي هذا كلام أيضاً عندنا إذا كان شاباً ينحى عن النساء، وإنما ذلك إذا كان شيخاً كبيراً قد ماتت شهوته، فحينئذٍ يرخص في ذلك، والأصح أن يقول قوله تعالى:{أوالتابعين} من المتشابه، وقوله تعالى:{قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم}(النور:٣) محكم فنأخذ بالمحكم، فنقول: كل من كان من الرجال لا يحل لها أن تبدي موضع الزينة الباطنة بين يديه، ولا يحل له أن ينظر إليها إلا أن يكون صغيراً، فحينئذٍ لا بأس بذلك، بقوله تعالى:
{أو الطفل الذين}(النور:٣١) الآية ولا بأس بدخول الصبي على النسوان ما لم يبلغ حد الحلم، وذلك خمس عشر سنة؛ لأنه لا يحتلم.
ومما يتصل بهذا الفصل
جماع الحائض في الفرج: وإنه حرام بالنص، يكفر مستحله ويفسق مباشرة لقوله تعالى:{فاعتزلوا النساء في المحيض}(البقرة:٢٢٢) ، وفي قوله تعالى:{ولا تقربوهنَّ حتى يطهرن}(البقرة: ٢٢٢) ، دليل على أن الحرمة تمتد إلى الطهر، وقال عليه السلام:«من أتى امرأته في غير مأتاها أو أتاها في حالة الحيض، أو أتى كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد» ، ولكن لا يلزمه بالوطء سوى الاستغفار والتوبة، ومن العلماء من