لكم} (المائدة: ٥) من غير فصل بين الذبيحة وغيرها، ويستوي الجواب بين أن يكون اليهود والنصارى من بني إسرائيل أو من غيرهم، كنصارى العرب؛ لأن ما تلونا من الآية لم تفصل.
ولا بأس بطعام المجوس كله إلا الذبيحة، فإن ذبيحتهم حرام، قال عليه السلام:«سنوا بالمجوس سنة أهل الكتاب غير ناكحي نسائهم، ولا آكلي ذبائحهم» ولم يذكر محمد رحمه الله الأكل مع المجوسي ومع غيره من أهل الشرك أنه هل يحل أم لا، وحكي عن الحاكم عبد الرحمن الكاتب أنه إن ابتلي به المسلم مرة أو مرتين فلا بأس به، فأما الدوام عليه يكره؛ لأنا نهينا عن مخالطتهم وموالاتهم وتكثير سوادهم، وذلك لا يتحقق في الأكل مرة أو مرتين، إنما يتحقق بالدوام عليه.
رجل له امرأة ذمية، أو أب ذمي ليس له أن يقوده إلى البيعة، وله أن يقوده من البيعة إلى منزله؛ لأن الذهاب إلى البيعة معصية وإلى المنزل لا، ولا يحمل الخمر إلى الخل ولكن يحمل الخل إليها، وكذلك لا يحمل الجيفة إلى الهرة ويحمل الهرة إلى الجيفة.
مسلم له امرأة من أهل الذمة ليس له أن يمنعها من شرب الخمر؛ لأنه حلال عندها، لكن يمنعها من ادخارها في بيته، ولا يجبرها على الغسل من الجنابة؛ لأن ذلك ليس بواجب عليها.
وقال في «القدوري» : في النصرانية تحت مسلم لا تنصب في بيته صليباً، وتصلي في بيته حيث شاءت، ومن سأل من أهل الذمة مسلماً عن طريق البيعة فلا ينبغي له أن يدل عليه؛ لأنه أعانه على المعصية، ولا بأس بالذهاب إلى ضيافة أهل الذمة؛ لأنه نوع بر، وإذا آجر المسلم نفسه من ذمي ليعصر له فيتخذ خمراً فهو مكروه، ولو آجر نفسه ليعمل في الكنيسة ويعمرها فلا بأس به؛ إذ ليس في نفس العمل معصية، ولا بأس أن يصل المسلم المشرك قريباً كان أو بعيداً، محارباً كان أو ذمياً، وأراد بالمحارب المستأمن، فأما إذا كان غير مستأمن فلا ينبغي بأن يصله بشيء، والأصل في ذلك قوله تعالى {لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلو في الدين}(الممتحنه: ٨) الآية إلى آخرها، فالله تعالى بين بأول الآية أنه ما نهانا عن مبرة الذمي، وبين بآخر الآية أنه نهانا عن مبرة أهل الحرب؛ إلا أن المستأمن صار مخصوصاً عن آخر الآية؛ لأن الأمان المؤبد أو المؤقت خلف عن الإسلام في أحكام الدنيا، فكما لا يكون بصلة المسلم بأساً، فلا يكون بصلة المستأمن بأساً؛ بخلاف غير المستأمن؛ لأنه لم يوجد في حقه ما هو خلف عن الإسلام؛ حتى يلحق بالمسلم في حق هذا الحكم، فبقي داخلاً تحت النهي؛ هذا هو الكلام في صلة المسلم المشرك.
جئنا إلى صلة المشرك المسلم، فقد روى محمد رحمه الله في «السير الكبير» أخباراً متعارضة في بعضها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل هدايا المشرك، وفي بعضها أنه لم يقبل، فلا