ولو شهد لرب الثوب أحد الشاهدين أن قيمة ثوبه كذا، وشهد الآخر على إقرار الغاصب أن قيمة ثوبه كذا؛ لا تقبل هذه البينة؛ لأن المشهود به يختلف، وإن جاء الغاصب بثوب مرتي، فقال: هذا الذي غصبتكه، وقال رب الثوب: بل هو ثوب هروي، فالقول قول الغاصب مع يمينه، ويحلف بالله أن هذا الثوب ثوبه الذي غصبه إياه، وما غصبه ثوباً هروياً قال مشايخنا: والصواب ما ذكره في كتاب الاستحلاف أنه يكفيه أن يقول: بالله ما غصبت هروياً كما يدعيه المالك، وإن جاء بثوب مروي وقال: هذا الذي غصبتك، وهو على حاله، وقال رب الثوب بل كان ثوبي جديداً حين غصب، فالقول قول الغاصب مع يمينه.
وإن أقاما البينة فالبينة بينة رب الثوب، فإن لم يقم واحد منهما بينة، وحلف الغاصب، وأخذ رب الثوبِ الثوبَ، ثم أقام بينة أنه غصبه إياه، وهو جديد؛ ضمن الغاصب فضل ما بينهما، هكذا ذكر في «الأصل» قال شمس الأئمة الحلواني: هذا إذا كان النقصان يسيراً، فإن كان فاحشاً، فرب الثوب بالخيار؛ إن شاء أخذ الثوب، وضمنه النقصان، وإن شاء ترك الثوب عليه، وضمنه قيمة الثوب.
رجل ادعى ثوباً في يدي رجل أنه له، وأن صاحب اليد غصبه منه، وأقام صاحب اليد البينة أن المدعي وهبه منه أو أقر له، فإنه يقضى به لذي اليد ويجعل كأن صاحب اليد غصب، أو لأنه وهبه المدعي أو باعه منه.
ولو ادعى رجل أن الثوب له وأن صاحب اليد غصبه منه، وأقام على ذلك بينة وأقام رجل آخر أن صاحب اليد أقر له بهذا الثوب، فإنه يقضى به للذي أقام البينة أن الثوب له، ويجعل كأن صاحب اليد غصب أولاً حتى يصير الثوب في يده، فيصح الإقرار، وإذا جعل كأن صاحب اليد غصب أولاً جعل مقراً بملك الغير، والإقرار بملك الغير لا يعتبر.
إذا قال: غصبتك هذه الجبة ثم قال: البطانة لي، أو قال: الحشو لي، لم يصدق؛ لأنه رجع بعد الإقرار (١١٩ب٢) فإن اسم الجبة اسم للكل.
ولو قال: غصبتك هذا الخاتم، أو هذه الدار، أو هذه الأرض، ثم قال بعد ذلك:.... الخاتم لي، أو قال: بناء الدار لي، أو شجر الأرض لي، فكذلك الجواب لا يصدق؛ لأن اسم الخاتم اسم للكل، فيصير راجعاً بعد الإقرار، ولو قال: غصبت هذه البقرة من فلان، ثم قال: ولدها لي؛ قبل قوله.
فرق بين الإقرار والشهادة، فإنه إذا شهد شاهدان لرجل أن هذه بقرته، ولها ولد، فإن المشهود له يستحق البقرة مع الولد.
وفي «القدوري» : وإذا شهد شهود المدعي بغصب العبد، وموته عند الغاصب، وشهد شهود الغاصب أن العبد مات في يد مولاه قبل الغصب؛ لم ينتفع بهذه البينة؛ يعني الغاصب؛ لأن شهود الغاصب عرفوا يد المولى، ولم يعرفوا الغصب، وشهود المدعي عرفوا الغصب، فكانت شهادتهم أولى.