للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجودة كان مستوفياً لا مستبدلاً فيجوز، والمراد من السود المضروب من النقرة السوداء لا الدراهم التجارية حتى لو قبض مكان الدراهم البيض درهماً تجارياً لا يجوز؛ لأن الجنس مختلف فيكون هذا استبدالاً فلا يجوز.

وإذا أعطى البيض مكان السود ذكر شمس الأئمة السرخسي والشيخ أبو الحسن القدوري رحمهما الله: أنه يجبر على القبول وإليه أشار عصام في «مختصره» .

وإذا باع فلساً بفلسين حالة الرواج، فهذه المسألة على ثلاثة أوجه: (٤٦أ٣)

أحدها: أن يبيع فلساً بغير عينه بفلسين بغير أعيانهما، وفي هذا الوجه البيع فاسد لوجهين:

أحدهما: أن هذا بيع الدين بالدين.

والثاني: أن الجنس بانفراده محرِّم للنساء عندنا على ما يأتي بيانه في موضعه إن شاء الله تعالى.

الوجه الثاني: إذا باع فلساً بعينه بفلسين بأعيانهما وفي هذا الوجه البيع جائز في قول أبي حنيفة وأبي يوسف، وقال محمد: لا يجوز.

وجه قوله: أن الفلوس أثمان حتى لا يتعين بالتعيين وبيع الأثمان واحداً باثنين لا يجوز كبيع الدراهم والدنانير واحداً باثنين، ولأبي حنيفة وأبي يوسف: أن ثمنية الفلوس إنما تثبت باصطلاح الناس، فإذا عيناه فقد أبطلا جهة الثمنية فعادت سلعة كما كانت فيجوز البيع متساوياً متفاضلاً.

فإن قيل: الثمنية تثبت باصطلاح الكل، فلا يبطل باصطلاحهما على خلاف ذلك.

قلنا: الثمنية في حقهما يثبت باصطلاح غيرهما عليهما، وإن قلنا: إن الثمنية لا تبطل إلا أن ربا النقد إنما يجري بالجنس والقدر وهو الكيل أو الوزن وههنا إن وجد الجنس لم يوجد القدر، أما الكيل فظاهر.

وأما الوزن؛ فلأن الناس تعارفوا بيع الفلوس عدداً إلا وزناً، ولهذا قلنا: إذا باع فلساً بعينه وأحدهما أثقل من الآخر وزناً إنه يجوز، ولو كان موزوناً لكان لا يجوز كما إذا باع درهماً بدرهم أثقل من الآخر وزناً وههنا لما جاز علمنا أن الوزن ساقط الاعتبار في الفلوس فلم يوجد إلا لجنس فلا يجري الربا.

قال الشيخ الإمام شمس الأئمة الحلواني: وكل جواب ذكرناه في الفلوس فهو في الدراهم التجارية أعني بها العطارف من جملة الفلوس؛ لأنها صفر كالفلوس، وكذلك الجواب في الرصاص والستوقة قالوا: ويجب أن يكون في العدلي كذلك؛ لأن الصفر فيه غالب فصار بمنزلة الفلوس.

الوجه الثالث: إذا كان أحد البدلين عيناً والآخر ديناً وفي هذا الوجه إن كان ما في الذمة مؤجلاً لا يجوز البيع لما ذكرنا أن الجنس بانفراده يحرم النسّاء عندنا، وإن كان ما في الذمة غير مؤجل لا شك أن على قول محمد: لا يجوز؛ لأن عنده لو باع فلساً بعينه بفلسين بأعيانهما لا يجوز، فإذا كان أحد البدلين بغير عينه أولى.

وأما على قول أبي حنيفة وأبي يوسف: فقد اختلف المشايخ بعضهم قالوا: يجوز؛

<<  <  ج: ص:  >  >>