للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكانت المجانسة ثابتة من كل وجه، فيكتفي بها جواز البيع.

وأما بيع الرطب بالرطب يجوز إذا تساويا كيلاً عند علمائنا رحمهم الله، وكذلك بيع ما يلي الرطب أما بيع البسر بالتمر، فلا ذكر له في الكتب.

وذكر شمس الأئمة الحلواني في شرح بيوعه: أنه يجوز بالإجماع إذا تساويا كيلاً يداً بيد، وأما بيع العنب بالزبيب، فعند أبي حنيفة وأبي يوسف يجوز إذا تساويا كيلاً هكذا ذكر في «نوادر هشام» .

وذكر في موضع آخر أن على قول أبي يوسف إنما يجوز هذا البيع على سبيل الاعتبار، وتفسيره: أن يكون الزبيب أكثر حتى يكون الزبيب بالزبيب من العنب، والباقي بإزاء الماء العالمة للحال، وعلى قول محمد: لا يجوز، وذكر شمس الأئمة السرخي في «شرحه» : أن بيع العنب بالزبيب نظير بيع التمر بالرطب على قول أبي حنيفة يجوز إذا تساويا كيلاً، أو على قولهما: لا يجوز، فعلى ما ذكره شمس الأئمة السرخي لا يحتاج إلى الفرق لأبي يوسف بين بيع العنب بالزبيب، وبين بيع الرطب بالتمر، وعلى ما ذكره هشام يحتاج الى الفرق.

والفرق: أن الرطوبة التي في الرطب من أجزاء التمر، ولهذا ينطلق عليه اسم التمر، ولو كانت الرطوبة شيئاً آخر وأجزاء التمر شيئاً آخر لكان لا ينطلق على الرطب اسم التمر كما لا ينطلق على العنب اسم الزبيب، فإذا اعتبرت الرطوبة من أجزاء التمر كانا شيئاً واحداً إلا أن المجانسة بينهما قائمة من وجه دون وجه، والمماثلة في الحال في مثل هذا لا يكتفي بجواز البيع، فأما الرطوبة التي في العنب ليست من أجزاء الزبيب ولهذا لا ينطلق على العنب اسم الزبيب، بل هما شيئان ماء وتفل فكانا كالسمسم مع الدهن.

وإذا باع الحنطة المبلولة بالحنطة اليابسة على قول أبي حنيفة وأبي يوسف: يجوز إذا تساويا كيلاً، وعلى قول محمد: لا يجوز هكذا ذكر في «الأصل» قال شمس الأئمة الحلواني في «شرحه» : إن الرواية محفوظة عن محمد أن بيع الحنطة اليابسة بالمبلولة إنما لا يجوز إذا ابتل وانتفخ، أما إذا لم ينتفخ بعد ولكن بل من ساعته يجوز بيعه باليابسة إذا تساويا كيلاً.

قال محمد رحمه: وهذا نظير زبيب يابس بزبيب قد بل بالماء عند أبي حنيفة يجوز هذا البيع إذا لم ينتفخ، وإذا انتفخ لا يجوز، وأما بيع الحنطة الرطبة بالحنطة اليابسة، ذكر بعض مشايخنا أنه على الخلاف المذكور في بيع الحنطة المبلولة بالحنطة اليابسة.

على قول أبي حنيفة وأبي يوسف: يجوز إذا تساويا كيلاً، وعلى قول محمد: لا يجوز، وبعضهم ذكر قول أبي يوسف في هذه المسألة مع قول محمد، فعلى قول هذا القائل يحتاج أبو يوسف إلى الفرق بين بيع المبلولة باليابسة وبيع الرطبة باليابسة.

والفرق: أن المبلولة مع اليابسة جنس واحد من كل وجه؛ لأن بالبل لم يزل الاسم ولا جنس منفعة، فإن المبلولة تصلح للطحن والزراعة كاليابسة إلا أنه يمكن فيه نوع نقصان، فإذا بقيت المجانسة من كل وجه كان الشرط جواز البيع المماثلة في الحال وقد وجدت.

<<  <  ج: ص:  >  >>