للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تجوز الحنطة أن تقرض وزناً، فإن أخذه وأكله قبل أن يكيله، فالقول قول المستقرض أنه كذا كذا قفيزاً، وقال هشام: قلت لمحمد: إن التمر بالذي يباع وزناً، فما نقول فيمن أقرضه وزناً؟ قال: لا يصح ذلك؛ لأن أصله كيل.

وفي باب الربا من «المنتقى» : إذا باع تمراً بتمر كيلاً بكيل مثلاً بمثل، ويتفاوت الوزن يجوز، وإن كان وزناً بوزن مثلاً بمثل والكيل يتفاوت، ذكر في موضع من هذا الباب أنه يجوز؛ لأن التمر يكال، وذكر في موضع آخر من هذا الباب أنه لا يجوز، وفي هذا الباب أيضاً: إذا بيع رطل من سمن الغنم كيلاً برطل من سمن الغنم وزناً بالميزان، فالبيع باطل حتى يعلما قبل البيع أنهما سواء لا يختلفان لا كيلاً ولا وزناً.

والعسل والسمن والزيت على الوزن بالميزان إذا اتفق جاز، وإن كان يختلف في كيل الرطل، وفي هذا الباب أيضاً: وكل ما يوزن وما يكال فلا بأس ببيعه بجنسه كيلاً ووزناً وفي «الأصل» : ولا خير في بيع الحنطة بالحنطة مجازفة، قالوا: وهذا إذا كانت الحنطة بحيث يكال، فأما إذا كانت قليلاً يجوز بيع البعض بالبعض مجازفة.

وكذلك الجواب في كل مكيل أو موزون، وإن بيعت الحنطة بالحنطة مجازفة، ثم كيلاً بعد ذلك فكانا متساويين لا يجوز، فالأصل: أن في كل موضع اعتبرت المماثلة بين البدلين في المعيار الشرعي شرطاً بجواز العقد بشرط العلم بالمماثلة في المعيار وقت مباشرة العقد، ويجوز بيع الفضة بالفضة الكفة بالكفة، وإن لم يعلم مقدار كل واحد منهما؛ لأنا تيقنا بالتساوي في الوزن، وإن لم يعلم مقدار ذلك.

وفي «الأصل» : إذا باع قفيز حنطة بنصف قفيز هو أجود لا يجوز، وبهذه المسألة تبين أن أدنى ما يكون مال الربا من الحنطة نصف قفيز، وذكر شمس الأئمة السرخي في باب الصرف في شرح الأجارات: أن أدنى ما يجري فيه الربا من الأشياء المكيلة نحو الحنطة وأشباهها نصف صاع، وذلك مدّان، حتى لو باع مدّين من الحنطة بثلثه أيضاً من الحنطة فصاعداً لا يجوز ذلك، لكن إذا باع منوين بمنون من الحنطة، ومنوين من الشعير بمنوين من الشعير يجوز.

وكذلك لو باع نصف مَنّ الحنطة بمنوين فصاعداً يجوز.

وقد صح عن عبادة بن الصامت: أنه قال في خطبته بالشام: أيها الناس إنكم أحدثتم نوعاً لا يدري ما هي ألا وإن الحنطة بالحنطة مدين بمدين، وإن الشعير بالشعير مدين بمدين، وذكر في التمر والملح مثل ذلك، ثم قال: فمن زاد أو استزاد فقد أربى بهذا، تبين أن ماذكر محمد رحمه الله في «الأصل» أن أدنى مال الربا من الحنطة نصف قفيز أن المراد منه نصف صاع، أو يكون في المسألة روايتان، وإذا باع حنطة بحنطة، وفي كل واحد من الجانبين حبات شعير أنه لا يجوز إلا متماثلاً؛ لأن الشعير مغلوب فكان مستهلكاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>